المعركة ونتائجها:
كان أول من برز للقتال عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد، فبرز إليهم ثلاثة من الأنصار، فنادى عتبة أو شيبة: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فندب إليهم عبيدة بن الحارث وحمزة وعلياً قائلاً: “قم يا عبيدة، قم يا عم، قم يا علي، فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم”.
فتبارز الثلاثة، وقتل علي الوليد، وجاء فوجد حمزة معتنقاً شيبة بعد أن تثلمت في أيديهما السيوف، فقال: يا عم طأطئ رأسك، وكان حمزة طويلاً، فأدخل رأسه في صدر شيبة، فاعترضه علي بالسيف فطيّر نصف رأس شيبة، وكان عتبة قد قطع رجل عبيدة، وفلق عبيدة هامته، فجاء علي فأجهز على عتبة، وعلى هذا فيكون علي عليه السلام قد شرك في قتل الثلاثة.
وبدأت المعركة بعد المبارزة الفردية، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كفاً من الحصباء فرماها في وجوه المشركين فما بقي فرد منهم إلاّ امتلأت عينه منه، ثم أخذ المسلمون يقتلون ويأسرون، وقد قُتل زعماؤهم وقُتل أبو جهل وأمية وأضرابهما.
واستشهد من المسلمين تسعة، وقيل: أحد عشر. وقيل: أربعة عشر؛ ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار، كما أنه لم يؤسر من المسلمين أحد، كما أنهم قد غنموا من المشركين مئة وخمسين بعيراً، وعشرة أفراس، وقيل ثلاثين، ومتاعاً وسلاحاً وأنطاعاً وثياباً وأدماً كثيراً.
وكان لعلي عليه السلام الدور الأساس في هذه المعركة، حيث كان نصف القتلى تقريباً بسيفه، وقد ذكر الواقدي أسماء تسعة وأربعين رجلاً ممن قتل في بدر من المشركين، ونصّ على أنّ من قتله منهم أمير المؤمنين علي عليه السلام وشرك في قتله اثنان وعشرون رجلاً.
وقال بعضهم: إنّ أهل الغزوات أجمعوا على أنّ جملة من قتل يوم بدر سبعون رجلاً قتل علي منهم إحدى وعشرين نسمة باتفاق الناقلين، وأربعة شاركه فيهم غيره، وثمانية مختلف فيهم.
دروس وعبر من غزوة بدر:
لقد حملت واقعة بدر الكثير من الدروس والعبر للمسلمين جميعاً على مرّ التاريخ، فكل من يقرأ صفحات بدر، وما بذله المسلمون، في سبيل الله تعالى، والقيادة الحكيمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يستحصل حصيلة كبيرة من الفوائد والدروس، ومن أهم تلك الدروس الحصول على نتائج الاعتماد على الله تعالى والتمسك بالقيادة الإلهية الحكيمة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان من الواضح جداً أن المسلمين يشكلون في عددهم وعتادهم من الناحية العسكرية الجانب الضعيف في هذه المعركة، غير أنّ المسلمين وبسبب الاعتماد المطلق على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والعزم على إعلاء كلمة التوحيد، صغر كل ذلك في عيونهم، فكان النصر حليفهم.