في الذكرى ال31 من وفاة الإمام المجدد آية الله الخميني قدس الله سره، أود أن أشارك بهذا المنشور للتذكير ببعض الكرامات التي كانت تعتبر معجزة، أذهلت جميع المفكرين والسياسين، حيث استطاع (رض)، أن يقود أكبر وأعظم ثورة وتغيير نظام دكتاتوري كهنوتي فردي، إلى نظام إسلامي وشريعة سماوية وعدالة ومساواة تذوب فيه جميع الفوارق والامتيازات.
ومن أهم الكرامات التي حباه الله بها، أنه أسس هذه الثورة وقاد نواتها من داخل السجون والمعتقلات السياسية في إيران والعراق، ومن داخل منفاه في فرنسا،
وقد سخر الله له من ينقلون توجيهاته وتعليماته وإرشاداته، إلى جميع الثوار في إيران وجميع المستضعفين في العالم، في وقت لاتوجد فيه الوسائل الإعلامية الحديثة، حيث كانت تنقل محاظراته وبياناته السياسية شفوياً بواسطة المساجين الذي يتم إطلاق سراحهم من السجون، وتذاع علنياً ورسمياً عبر وسائل الإعلام التابعة للمعارضة ضد نظام الشاه في إيران وضد نظام صدام في العراق.
ومن أجل إسكات صوت الحق الذي جهر به الإمام الخميني (رض) من داخل سجون العراق، اتفق النظامين على نفيه إلى فرنسا، وكانت عناية الله ورعايته تحرسه وتسخر له كل الوسائل الإعلامية داخل فرنسا، وتذاع محاظراته وتوجيهاته وإرشاداته عبر إذاعات العالم ويتم تسجيلها وتبادل توزيعها، والاستماع إليها سرياً بواسطة أشرطة الكاسيوهات وتناقلها فيما بين ملايين الثوار الذين كانوا يؤمنون بكل كلمة يتلقونها من الإمام الخميني (رض)، ويصدقون بوعوده ويلتزمون بتنفيذ توجيهاته تقرباً لوجه الله.
وأذكر منها ذلك التصريح والإعلان التاريخي الذي كان بمثابة المعجزة التي أذهلت جميع رواد الفكر والسياسة والإعلام، حيث أعلن بصوته قبل عودته إلى إيران بعام كامل، بشر فيه جميع الثوار الأحرار وملايين الإيرانيين بنهاية وزوال حكم نظام الشاه الكهنوتي وانتصار الثورة الإسلامية، وحدد اليوم الذي سيعود فيه إلى طهران، وطالب جميع الثوار أن يعدوا الإعداد الجيد ويدعوا ويحشدوا جميع الملايين الإيرانيين للحضور إلى مطار طهران الدولي، في ذلك اليوم الموعود.
وبعقيدة وإيمان كبير من الإمام الخميني وجميع الثوار (رض)، كان يقابله السخرية والتكذيب والاستهزاء من الامبراطور الشاه ونظام حكمة الفردي ولم يعيروه أي اهتمام، حيث قرر الشاه مغادرة إيران في ذلك اليوم الموعود لزيارة عددة دول ومنها مصر، وفي نفس اليوم والتاريخ الذي حدده الإمام الخميني (رض)، هبطت الطائرة التي كانت تقله من فرنسا إلى مطار طهران الدولي، وكان عشرات الملايين من الشعب الإيراني يحتشدون ويتسابقون للوصول إلى المطار والشوارع المحيطة به، لاستقباله.
وخرجت القوات المسلحة والأمن بجميع الدبابات والمجنزرات والمدرعات، واستخدمت الأسلحة النارية وخراطيش المياة الحارة والقنابل المسيلة للدموع لمحاولة تفريق هذه الحشود والطوفان البشري الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ العالم، ومحاولة القبض على الإمام آية الله الخميني قدس الله سره، والذي أعلن البيان الأول بصوته من داخل صالة مطار طهران الدولي بقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأعلن العفو العام لجميع المعتقلين وهدم السجون، كما دعا المرأة الإيرانية إلى الاحتشام ولبس الحجاب الإسلامي، ونصح الجيش والأمن بأن يعودوا إلى ثكناتهم ومواقعهم العسكرية ووعدهم بالتكريم والاستمرار في أعمالهم.
وعند وصوله إلى أحد مساجد طهران، أعلن العديد من القرارات المصيرية، أذكر منها الآتي: قرر بأنه على الشعب الإيراني أن يتقبل طوعياً بدين الإسلام
كعقيدة ونظام وشريعة، تسود فيه روح المحبة والأخوة والمودة والسلام والتعاون الأخوي ونبذ العنف والظلم، وانتهاء نظام الشاه بكل مايحمله من الجور والظلم والفوارق والامتيازات، ووعد الشعب الإيراني بتحقيق العدالة والمساواة والإنصاف، وأن الجميع سيكونون سواسية أمام شرع الله.
ومن قرارته، إغلاق السفارة الأمريكية وتسمية النظام الأمريكي بالشيطان الأكبر، وقرار بإغلاق السفارة الصهيونية، وطرد أكثر من 500 خبير صهيوني، وأن تكون أول سفارة لدولة فلسطين، وأعلن أن تكون آخر جمعة من رمضان في كل عام يوم عالمي للقدس، فكانت هذه الثورة الإيرانية التي أسسها وقادها الإمام الخميني (رض)، ثورة إسلامية ورحمة وانعتاق رباني للشعب الإيراني ولجميع شعوب المنطقة.
ولقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية وجميع دول العالم بمحاربة الثورة الإسلامية، وشن حرب عالمية بقيادة صدام حسين لمدة ثمان سنوات، وضرب الحصار العالمي على الشعب الإيراني حتى اليوم، ولكن كانت قوة الله وعظمته وعنايته ورعايته وتأييدة هي العلياء ولو كره الكافرون.
بقلم القاضي عبد الكريم عبد الله الشرعي
عضو رابطة علماء اليمن صنعاء