يأتي الوفاء في طليعة الأخلاق الإنسانية الفاضلة، فهو علامة نبل ومظهر للإنسانية الحقة، ففطرة الإنسان النقية تدفعه لشكر المعروف ومكافأة الإحسان بالإحسان، وأن يكون وفيًا لمن عاشره بخير.
والوفاء وفاءان: وفاء لموقف، ووفاء لعشرة، وقد أمر الدين الكريم بهذا الخلق العظيم بمختلف أشكاله وألوانه، وهذا ما تصرح به الآية الكريمة ﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ فهي تستثير مشاعر الإنسان الوجدانية، حيث لو طرح هذا التساؤل على نفسه فإن فطرته النقية ستجيب بجلاء ووضوح بأن الإحسان يكافأ بالإحسان.
وأن هذا الإحسان يُكافأ به المحسن بغض النظر عن دينه وتوجهه. ورد عن الإمام الصادق (ع): «قول الله عز وجل ﴿هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ جرت في الكافر والمؤمن والبر والفاجر، من صُنع إليه معروف فعليه أن يكفأ به، وليس المكافأة أن تصنع كما صنع، حتى تربي ـ أي تزيد ـ فإن صنعت كما صنع كان له الفضل في الابتداء».
من هنا جاءت فضيلة الوفاء في أعلى سلم الفضائل الإنسانية وأكثرها انسجاما مع الفطرة السليمة التي خلق الله البشر عليها.