نسمع في كثير من الأحيان سؤالاً عن جدوى وفائدة طلبة العلوم الدينية في المجتمع ، وما هي حاجة المجتمع اليهم ، حتى ذهب البعض إلى أنهم عالة وضررهم أكثر بكثير من نفعهم وللرد على هكذا تساؤل نذكر بعض ما نستذكره عن ثمرات وجود العلماء وطلبة العلم في المجتمع، ومنها :
١- ان طلب العلوم الدينية واجب كفائي امرنا الله سبحانه وتعالى به في محكم كتابه الكريم ، قال تعالى : ( وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة / ١٢٢
قال في الميزان ج٩ ص ٤٠٣ : ” ومعنى الآية لا يجوز لمؤمني البلاد ان يخرجوا إلى الجهاد جميعا فهلا نفر وخرج إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم طائفة من كل فرقة من فرق المؤمنين ليتحققوا الفقه والفهم في الدين فيعملوا به لأنفسهم ولينذروا بنشر معارف الدين وذكر آثار المخالفة لأصوله وفروعه قومهم إذا رجعت هذه الطائفة إليهم لعلهم يحذرون ويتقون.”
فطالب العلم يحمل عن المجتمع ثقل هذا التكليف ، ويكفيه مؤونته .
٢- ان الناس يكتسبون الأجر والثواب نتيجة رجوعهم الى طلبة العلم وسؤالهم عن مسائل دينهم فقد روى الشهيد الثاني (قدس سره ) في منية المريد عن فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) انها قالت : ” سمعت أبي ( صلى الله عليه وآله يقول ) : إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم، وجدهم في إرشاد عباد الله، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور، ثم ينادي منادي ربنا عز وجل :
أيها الكافلون لأيتام آل محمد الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم! هؤلاء تلامذتكم، والأيتام الذين كفلتموهم، ونعشتموهم، فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا، فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذ عنهم من العلوم، حتى أن فيهم – يعني في الأيتام – لمن يخلع عليه مائة ألف حلة، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم، ثم إن الله تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم وتضعفوها، فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم، ويضاعف لهم، وكذلك مرتبتهم ممن خلع عليهم على مرتبتهم. قالت فاطمة ( عليها السلام) : يا أمة الله إن سلكا من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة، وما فضل ما طلعت عليه الشمس؟ فإنه مشوب بالتنغيص والكدر “.
٣- ان طلبة العلوم الدينية يمثلون حائط الصد الذي يدافع عن دين الناس وعقيدتهم فكما ان المجاهدين في ساحات الوغى يدافعون عن ارواح الناس وارضهم وعرضهم وأموالهم كذلك طلبة العلوم الدينية يدافعون عن دين الناس وعقائدهم
فقد روى الشيخ الطبرسي (قدس سره) في كتاب الاحتجاج عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال : ” علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته والنواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن أبدانهم.”
كما روى في الاحتجاج عن الامام الهادي (عليه السلام) : ” لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليه السلام من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل ”
٤- ان خطابات طالب العلم ومواعظه وكلماته التي يلقيها على الناس هي افضل هدية يمكن ان يقدمها الانسان لاخيه المسلم ، فقد روي عن رسول الله ( صلى الله عليه واله ) : ” وما أهدى المرء المسلم إلى أخيه هدية أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدى، ويرده عن ردى ”
٥- ان مجرد وجود طلبة العلم بين الناس يوفر لهم فرصة للطاعة والعبادة ، فقد روى في وسائل الشيعة : ” ان النظر إلى الكعبة عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة، والنظر إلى المصحف من غير قراءة عبادة، والنظر إلى وجه العالم عبادة، والنظر إلى آل محمد (عليهم السلام) عبادة ”
كما روى في جامع الأخبار: عن أبي ذر قال : ” قال النبي (صلى الله عليه وآله): ” يا أبا ذر، الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم خير لك من عبادة سنة، صيام نهارها وقيام ليلها، والنظر إلى وجه العالم خير لك من عتق الف رقبة “.
كما روى في كتاب العلم والحكمة في الكتاب والسنة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ” من جلس عند عالم ساعة ناداه الملك : جلست إلى عبدي، وعزتي وجلالي لأسكننك الجنة معه ولا أبالي”.
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال لأبي ذر: “ألا فاغتنموا مجالس العلماء، فإنها روضة من رياض الجنة، تنزل عليهم الرحمة والمغفرة، كالمطر من السماء، يجلسون بين أيديهم مذنبين ويقومون مغفورين لهم، والملائكة يستغفرون لهم ما داموا جلوسا عندهم، وإن الله ينظر إليهم فيغفر للعالم والمتعلم والناظر والمحب لهم”.