يوافق الثامن من شهر ربيع الأول ذكرى استشهاد الإمام الحسن العسكري (ع)، فبهذه المناسبة الأليمة نسلط الضوء على بعض وصاياه عليه أفضل الصلوات.
وردت عدّة وصايا للإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، نذكر بعضاً منها:
۱ـ وصيته (عليه السلام) إلى شيعته، يحدّد فيها المنهج الذي ينبغي عليهم أن يتبعوه في تلك الظروف الصعبة.
قال (عليه السلام): (أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمّد (صلى الله عليه وآله).
صلّوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم، فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسن خلقه مع الناس، قيل: هذا شيعي فيسرّني ذلك.
اتقوا الله، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كل مودّة، وادفعوا عنّا كل قبيح، فإنّه ما قيل من حسن فنحن أهله، وما قيل من سوء فما نحن كذلك، لنا حق في كتاب الله، وقرابة من رسول الله، وتطهير من الله لا يدّعيه أحد غيرنا إلاّ كذّاب.
أكثروا ذكر الله، وذكر الموت، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنّ الصلاة على رسول الله عشر حسنات، احفظوا ما وصيّتكم به، واستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام).
۲ـ قال (عليه السلام): (ادفع المسألة ما وجدت التحمّل يمكنك، فإنّ لكل يوم رزقاً جديداً، واعلم أنّ الإلحاح في المطالب يسلب البهاء، ويورث التعب والعناء، فاصبر حتّى يفتح الله لك باباً يسهل الدخول فيه، فما أقرب الصنيع من الملهوف، والأمن من الهارب المخوف، فربما كانت الغِير نوع من أدب الله، والحظوظ مراتب، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك، وإنّما تنالها في أوانها.
واعلم أنّ المدبّر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه، فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك، ولا تعجل بحوائجك قبل وقتها، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط، واعلم أنّ للسخاء مقداراً، فإن زاد عليه فهو سرف، وإنّ للحزم مقداراً فإن زاد عليه فهو تهوّر، وأحذر كل ذكي ساكن الطرف، ولو عقل أهل الدنيا خربت).
۳ـ وصيته (عليه السلام) إلى الفقيه المشهور بابن بابويه: (أمّا بعد، أوصيك يا شيخي، ومعتمدي، وفقيهي – أبا الحسن علي بن الحسين القمّي، وفّقك الله لمرضاته، وجعل من صلبك أولاداً صالحين برحمته، بتقوى الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإنّه لا تقبل الصلاة من مانعي الزكاة).
وأوصيك بمغفرة الذنب، وكظم الغيظ، وصلة الرحم، ومواساة الأخوان، والسعي في حوائجهم في العسر واليسر، والحلم عن الجهل، والتفقّه في الدين، والترتيب في الأمور، والتعهّد للقرآن، وحسن الخلق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
قال الله عزّ وجلّ: (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِن نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْـلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) ـ النساء: ۱۱۴ ـ واجتناب الفواحش كلّها.
وعليك بصلاة الليل، ومن استخف بصلاة الليل فليس منّا، فاعمل بوصيّتي، وأمر شيعتي حتّى يحملوا عليه، وعليك بانتظار الفرج، فإنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال : (أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج).
ولا يزال شيعتنا في حزن حتّى يظهر ولدي الذي بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً.
فاصبر يا شيخي، وأمر جميع شيعتي بالصبر، (إِنَّ الاَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيــنَ) ـ الأعراف : ۱۲۸ ـ .
والسلام عليك وعلى جميع شيعتنا ورحمة الله وبركاته، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير).