النسب المبارك
يعود نسب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى هاشم بن عبد مناف الذي تنتسب إليه أشرف أُسرة في مكّة هي أُسرة بني هاشم.
فهو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلّب بن هاشم بن عبد مناف، المنحدر من ذريّة عدنان أحد أحفاد نبيّ الله إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
وكان جميع آبائه موحّدين مؤمنين على دين الحنيفية الإبراهيمية، بل كان فيهم الصدّيقون من أنبياء مرسلين أو أوصياء معصومين، قال الله تعالى: ﴿الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾.
الولادة المباركة
ولدته أمّه آمنة بنت وهب من بني زهرة في مكّة المكرّمة في منزل أبيه عبد الله بن عبد المطلّب في شعب أبي طالب يوم الجمعة في السابع عشر من شهر ربيع الأول، على الأشهر في عام الفيل الموافق لسنة 571 للميلاد قبل البعثة النبوية بأربعين سنة.
وقد صاحبت ولادته المباركة حوادث مختلفة في السماء والأرض، وخاصّة في الشرق، فاضطرب إيوان كسرى أنوشيروان، وسقطت أربع عشرة شرفة من شرفاته، وغير ذلك.
واستقبله جدّه عبد المطلّب بن هاشم بالغبطة والسرور، فقد كان أبوه عبد الله مسافراً إلى الشام في تجارة فمات في المدينة قبل ولادة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ودفن في دار النابغة قيس بن عبد الله.
رضاعه
لم يرتضع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، من أمّه سوى ثلاثة أيام، ثمّ حظيت بشرف إرضاعه حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب من بني سعد.
فقد رأى عبد المطّلب أن يرسل حفيده إلى البادية ليكمل رضاعه هناك، وينشأ ويترعرع في البادية، ليكتسب اللغة الصحيحة، والقوّة والمناعة.
وكانت حليمة ترعاه هي وزوجها وتقدّمه حتّى على أولادها، وقد وجدت فيه كلّ الخير والبركة.
وقد روي عنها أنّها قالت: قدمنا منازل بني سعد ومعي يتيم عبد المطلّب، ولا أعلم أرضاً أجدب من أرضنا، وكانت الأغنام تبقى جائعة لقلة الطعام، ولما سكن محمّد عندنا في البادية فكنّا نحلب منها ونشرب ويتدفّق الخير علينا، وأصبح جميع من في الحيّ يتمنّى ذلك اليتيم الذي يسَّر لنا الله ببركته الخير ودفع عنّا الفقر والبلاء.
بقي النبيّ مع حليمة إلى أن بلغ سنّ الخامسة، فعادت به إلى أهله ليكون في كفالة جدّه عبد المطلّب ثمّ في رعاية عمّه أبي طالب.
النبيّ في كفالة جدّه
فَقَدَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، أمّه بعد عودته من حيّ بني سعد وله من العمر ست سنوات على أشهر الروايات، وأصبح بذلك يتيم الأبوين، فعاش في كفالة جدّه عبد المطلّب، الذي كان يرعاه خير رعاية، ولا يأكل طعاماً إلّا إذا حضر، وكان يفضّله على سائر أبنائه.
ويبدو أن عبد المطلّب كان عارفاً بشـأنية محمّد وما سيكون من أمره وعظمته من خلال أمرين:
أولاً: من الصفات والملامح التي كانت تظهر على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، والبركات والأحداث التي رافقته منذ ولادته وفي أحضان أمّه ومرضعته.
وثانياً: من البشائر والأخبار التي كانت تُنبىء بمستقبله ونبوتّه.
إنّ هذا النوع من المؤشرات والدلائل رسّخ في نفس عبد المطلّب الاعتقاد بشأنية حفيده، وجعل له صلى الله عليه وآله وسلم مكانة خاصة عنده، بحيث كان يعطيه من الحبّ والعطف والحنان والاهتمام ما لم يعطه لأحد غيره، إلاّ أن هذا الحنان الدافق وهذه الرعاية الكريمة لم تدم له صلى الله عليه وآله وسلم طويلاً، فقد توفّي عبد المطلّب والنبيّ في الثامنة من عمره، فانتقل بعده إلى دار عمّه أبي طالب.
النبيّ في رعاية أبي طالب
قبل أن توافي المنية عبد المطلّب كان قد جمع أولاده العشرة وأوصاهم بابن أخيه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ولمّح لهم بما سيكون من شأنه في المستقبل، وممّا قاله لهم: “قد خلّفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطؤون به رقاب العرب”.
وقد اختار عبد المطلّب من بين أبنائه أبا طالب ليكون هو من يكفل محمّداً بعده ويقوم برعايته، وذلك لسببين:
الأول: أنّ أبا طالب كان أخاً لوالد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من أمّه، فإنّ أمّهما هي فاطمة بنت عائذ المخزومية، وطبيعيّ أن يكون أبو طالب أكثر حناناً وعطفاً وحبّاً لابن أخيه من أبيه وأمّه من بقية إخوانه كالحارث والعباس وغيرهما الذين كانوا من أمّهات شتّى.
الثاني: أنّ أبا طالب كان أنبل إخوته وأكرمهم، وأعظمهم مكانة في قريش، وأجلّهم قدراً، وقد ورث زعامة أبيه عبد المطلّب، وخضع لزعامته القريب والبعيد بالرغم من فقره.
وقد ورد عن الإمام عليّ عليه السلام، أنّه قال: “إنّ أبي ساد الناس فقيراً، وما ساد فقير قبله”.
وقد قام أبو طالب برعاية النبيّ خير رعاية، وأدّى الأمانة، وحفظ الوصية، وبقي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم شغله الشاغل الذي شغله هو وزوجته فاطمة بنت أسد حتّى عن أولادهما في أشدّ المراحل ضيقاً وحرجاً حتّى النفس الأخير من حياتهما.
ولم يكن يعني أبا طالب شيء كما تعنيه رعاية النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والمحافظة عليه، وقد بلغ من عنايته به وحرصه عليه أنّه كان إذا اضطرّ إلى السفر إلى خارج مكّة أو الحجاز أخرجه معه15.
السفر إلى الشام
كانت للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رحلتان إلى الشام، إحداهما: بصحبة عمّه، والأخرى: بصحبة غلام لخديجة في تجارة لها.
في الرحلة الأولى: كان عمر النبيّ اثنتي عشرة سنة، وكان مع عمّه أبي طالب ضمن قافلة تجارية لقريش. وفي الطريق توقّفت القافلة في منطقة تسمى بُصرى، وكان فيها راهب يدعى بحيرا.
وقد اتّفق أن التقى الراهب قافلة قريش ولفتت نظره شخصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وراح يتأمّل ويحدّق في صفاته وملامحه، خاصة بعد أن رأى أنّ سحابة من الغيم ترافقه صلى الله عليه وآله وسلم أينما جلس لتحميه من حرّ الشمس، فسأل عنه بعض من في القافلة فأشاروا إلى أبي طالب وقالوا له: هذا عمّه، فأتى الراهب أبا طالب وبشّره بأنّ ابن أخيه نبيّ هذه الأمّة وأخبره بما سيكون من أمره بعدما كان قد كشف عن ظهره ورأى خاتم النبوّة بين كتفيه ووجد فيه العلامات التي وصفته بها التوراة والأناجيل وغيرها.
وتذكر النصوص أنّ بحيرا أصرَّ على أبي طالب بأن يعود به إلى مكة وأن يبقيه تحت رقابته خوفاً عليه من اليهود وغيرهم، فقطع أبو طالب رحلته ورجع به إلى مكّة.
وفي الرحلة الثانية: كان عمر النبيّ خمساً وعشرين سنة، ويقول المؤرّخون: إنّ سفره هذا كان في تجارة لخديجة بنت خويلد قبل أن يتزوّج بها، وإنّ أبا طالب هو الذي أشار عليه بالعمل بالتجارة مع خديجة بسبب الوضع المادّيّ الصعب الذي كان يعيشه آنذاك.
فدخل مع خديجة في شراكة تجارية، ولم يكن أجيراً لها، إذ لم يكن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أجيراً لأحد قط، وسافر برفقة ميسرة وهو يعمل لدى خديجة وربح في تجارته أضعاف ما كان يربحه غيره، وظهرت له في سفره بعض الكرامات الباهرة، فلمّا عادت القافلة إلى مكّة أخبر ميسرة غلام خديجة. سيدته بذلك.
بقي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في رعاية عمّه أبي طالب حتّى كبر وبلغ الخامسة والعشرين من عمره فتزوّج بخديجة بنت خويلد.
الزواج من خديجة
أصبح محمّد صلى الله عليه وآله وسلم شاباً، وأخذ اسمه يحتلّ مكاناً مرموقاً في أوساط قريش فعُرف بصدق الحديث وعظيم الأمانة وكرم الأخلاق.
وفي عمر السابعة والثلاثين، أي قبل البعثة بثلاث سنوات أو في السنة الخامسة والثلاثين، أي قبل البعثة بخمس سنين، تزوج بخديجة بنت خويلد زوجته الأولى بعد عودته من رحلته الثانية إلى الشام، وقيل إن عمره كان أكثر من ذلك بعدّة سنوات أي في سن 30 أو 37 سنة.
ونكاد نقطع بسبب كثرة النصوص، أنّ خديجة هي التي بادرت أولاً وأبدت رغبتها في الزواج من محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بعدما رأت فيه من الصفات النبيّلة ما لم تره في غيره.
ويرجّح كثير من المؤرّخين أن يكون عمر خديجة حين زواج النبيّ بها ثمانية وعشرين عاماً وليس أكثر من ذلك19.
كما أنها لم تتزوّج قبله بأحد قطّ، وإنّما تزوّج بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكانت بكراً. وأمّا النصوص التي تفيد أنّها تزوّجت قبله برجلين هما: عتيق بن عائذ المخزوميّ، ثم أبو هالة التميميّ، فإننا نحتمل جداً أن تكون مما صنعته يد السياسة بهدف إلحاق الأذى بشخصيتها وشأنها بين الناس، خصوصاً مع الالتفات إلى شخصية عتيق.
وولد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من السيدة خديجة عليها السلام القاسم وعبدالله (يلقب بالطاهر) وقد مات كلاهما في الصغر بمكة، والسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، ثم ولد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مارية القبطية إبراهيم وتوفي وهو صغير.
عمله صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة
ليس هناك أيّ عيب أو نقص في أن يقوم الإنسان بالعمل والكدح في سبيل تأمين العيش الكريم. والعمل في سبيل العيش من سنن الأنبياء والمرسلين.
وقد عاش الكثيرون من الأنبياء من عمل أيديهم وعرق جباههم، وأتقنوا بعض المهن والأعمال الشريفة حتّى لا يكونوا عبئاً على أحدٍ من الناس.
وقد أوصى الإسلام بالعمل للدنيا والآخرة، وأكّد عليه، ورغَّب به، وندّد بالكسالى الذين يُحقّرون الأعمال الصغيرة الشريفة ويرفضونها ليتحوّلوا إلى عبءٍ على المجتمع بسبب بطالتهم.
وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة يقوم بعدّة أعمال لتأمين العيش وكسب الرزق، فيذكرون: أنّه كان يرعى الغنم لأهله في مرحلة الصبا ومطلع الشباب، كما أنّه عمل في التجارة الخارجية مع خديجة عندما أصبح شابّاً في عمر الخامسة والعشرين.
ثم إن تجارة النبيّ مع خديجة كانت على نحو المضاربة والمشاركة، ولم تكن على نحو الإجارة، فلم يكن النبيّ أجيراً عند خديجة يأخذ بدل ما يُقدّمه من أتعاب، وإنّما كان شريكاً لها في تجارتها وله نسبة في الأرباح.
مكانة النبيّ محمّد قبل البعثة
أصبح النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في مطلع شبابه موضع احترام في مجتمعه، لِمَا كان يمتلكه في شخصيّته من وعي، وحكمة، وإخلاص، وبُعد نظر.
وقد اشتُهر بسمّو الأخلاق، وكرم النفس، والصدق والأمانة حتّى عُرف بين قومه بالصادق الأمين، كما اشتُهر برجاحة عقله، وصوابيّة رأيه حتّى وَجَدَ فيه المكّيّون والقرشيّون سيّداً من سادات العرب الموهوبين، ومرجعاً إليهم في المهمّات وحلّ المشكلات والخصومات22.
وكان الناس يتحاكمون إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الجاهلية، لأنّه كان لا يُداري ولا يُماري23.
موقف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من حرب الفجار
ما إن بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرابعة عشر أو العشرين من عمره حتّى اشتعل القتال بين قبيلة قيس من جهة وقبيلة قريش وبطونها من جهة أخرى.
وكان سبب هذه المعركة أنّ النعمان بن المنذر قد قتل أخاً لبلعاء بن قيس، فكان بلعاء يعترض قوافل النعمان، فطلب النعمان من عروة بن عتبة ومن البراض بن قيس حمايتها، فتبرّع كلّ منهما لذلك وتنازعا أيّهما يقدّم هذه الخدمة للنعمان، فكان أن تعرّض البراض لعروة وقتله، فتعصّبت لكلّ منهما قبيلته ووقعت الحرب في شهر رجب وهو أحد الأشهر الحرم، ولذلك سمّيت بحرب الفجار، لأنّ الفجار فجروا، وانتهكوا الأشهر الحرم.
وقد رفض أبو طالب المشاركة في هذه الحرب ومنع بني هاشم من ذلك، والتزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقرار عمّه ووجهوا هذه الحرب بكلّ ما يمكن لهم لمنع الاقتتال بين الطرفين، لأنّها كانت حرب ظلم وعدوان وقطيعة رحم، ولا صحّة للروايات التي ادعت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد شارك في هذه الحرب مع قبيلة قريش.
حلف الفضول
بعد سلسلة من حوادث الاعتداء على أموال وأعراض بعض الوافدين إلى مكّة في موسم الحجّ للزيارة أو التجارة، دعا الزبير بن عبد المطلّب إلى إقامة تحالف بين قبائل قريش بهدف: مواجهة كلّ من يعتدي على الآخرين، وخصوصاً الزائرين.
فاستجاب لدعوته بنو هاشم، وبنو عبد المطلّب، وبنو أسد وغيرهم، وعقدوا اجتماعاً في دار عبد الله بن جدعان تحالفوا فيه على محاربة الظلم والفساد والانتصار للمظلوم والدفاع عن الحق.
وقد سمّي بحلف الفضول، لأنّ قريشاً قالت بعد إبرامه: هذا فضول من الحلف، وقيل: لأنّ ثلاثة ممّن اشتركوا فيه كانوا يُعرفون باسم الفضل.
وقد حضره النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وشارك فيه وكان يتجاوز العشرين من عمره الشريف وأثنى عليه بعد نبوّته وأمضاه، فقد رُوي أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم: “لقد حضرت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما يسرّني به حمر النعم، ولو دعيت إلى مثله لأجبت”..
إنّ نظرة تحليلية بسيطة إلى هذا الحلف تقودنا إلى تسجيل الأمور التالية:
أولاً: إنّ ثناء النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الحلف، ومشاركته فيه، وإمضاءه له، يدلّ على أنّ هذا الحلف ينسجم في أهدافه مع أهداف الإسلام، لأنّه قائم على أساس الحقّ والعدل والخير.
ثانياً: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يمتدح هذا الحلف ويثني عليه مع أنّ الذين قاموا به كانوا وقتها على الشرك والكفر، ولكنّه يهدم مسجد الضرار مع أنّ الذين بنوه كانوا وقتها يتظاهرون بالإسلام ويتعاملون على أساسه بحسب الظاهر.
ثالثاً: إنّ اهتمام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بحلف الفضول إنّما يدلّ على أنّ الإسلام ليس منغلقاً على نفسه، وإنّما هو يستجيب لكلّ عمل إيجابيّ فيه خير الإنسان، ويشارك فيه على أعلى المستويات، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية، وانسجاماً مع أهدافه الكبرى، ومع المقتضيات الفطرية والعقل السليم.
تجديد بناء الكعبة
في أثناء ولاية قريش عليها وقبل النبوّة بخمس سنوات أو أكثر تمّ هدم الكعبة وتجديد بنائها، بسبب السيول، وقيل إنّ الكعبة احترقت، واحترق بابها والأخشاب التي كانت بها، إثر ذلك اجتمعت قريش وقررّت هدمها وتجديد بنائها ورصدوا لذلك نفقة طيبة. وقد شارك النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في جمع الحجارة.
ولمّا بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يرفع الحجر إلى موضعه، وكاد الأمر يؤدّي بهم إلى فتنة كبيرة، فاتّفقوا أن يُحكِّموا في هذا النزاع أوّل داخل عليهم، فكان محمّد بن عبد الله أوّل الوافدين، فلّما رأوه استبشروا بقدومه وقالوا: لقد جاءكم الصادق الأمين، أو هذا الأمين قد رضينا به حكماً.
طلب منهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يحضروا له ثوباً، فأتوا له بثوب كبير، فأخذ الحجر ووضعه فيه بيده، ثمّ التفت إلى شيوخهم وقال: “لتأخذ كل قبيلة بطرف من الثوب ثم ارفعوه جميعاً”، فاستحسنوا ذلك ووجدوا فيه حلاً يحفظ حقوق الجميع، ولا يعطي لأحد امتيازاً على الآخر، ففعلوا ما أمرهم به، فلمّا أصبح الحجر بمحاذاة الموضع المخصّص له، أخذه رسول الله بيده الكريمة ووضعه مكانه.