وليست هذه الكلمات ممّا يُستدل بها على عظمة شهيد الطفّ، فهو أجلّ وأرفع من ذلك، لكن هذه الكلمات تُعطي القارئ الكريم صورة على إجماع السلف والخلف، والمؤالف والمخالف على عظمة شهيد الإباء.
كما إنّ هذه الكلمات تكشف عن جوانب مختلفة من حياة الشهيد العظيم رضوان الله عليه وصلواته، فهي حرية أن يطّلع عليها القرّاء، لهذا وذاك سجّلنا منه:
1- قال معاوية: من أحقّ الناس بهذا الأمر؟ قالو: أنت، قال: لا، أولى الناس بهذا الأمر عليُّ بن الحسين بن علي، جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله، وفيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أُمية، وزهو ثقيف.
2-قال الشيخ الدربندي: إنّه كان أفضل من جميع حواري رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهم: سلمان وأبو ذر ومقداد، ومن جميع حواري أمير المؤمنين عليه السّلام، وهم: عمرو بن الحمق الخزاعي، وميثم التمّار، وأويس القرني، ومحمد بن أبي بكر.
3-قال الشيخ حسين البلادي: وكُنيته أبو الحسن، ولقبه الأكبر، لأنّه الأكبر على الأصح، والسقّا، لأنّه عليه السّلام سقى عيالات أبيه، وكان سلام الله عليه عالي الشأن، فارس الفرسان، ومن المودّة والمواساة لأبيه في أعلى مكان.
4- قال السيد هبة الدين الشهرستاني: سُمّي شبيه النبي، فترعرع الصبي وترعرع معه جمال النبي صلّى الله عليه وآله، ونما فيه الكمال، وأزهرت حوله الآمال، وبلغ تصابي آل النبي صلّى الله عليه وآله فيه مبلغ الوله والعشق، فكان إذا تلا آية، أو روى رواية مثُل رسول الله صلّى الله عليه وآله في كلامه ومقامه. وأضاف على شبه النبي صلّى الله عليه وآله في الجسم شبهاً بجدّه علي عليه السّلام في الاسم، كما شابهه في الشجاعة، وفي تعصّبه للحقّ.
5- قال الشيخ حبيب آل إبراهيم في شجاعته عليه السّلام: فدعا ابن سعد بطارق بن كثير، وكان فارساً منّاعاً، فخرج إلى علي فاقتتلا، فضربه علي فقتله، فخرج إليه أخوه فقتله، وطلب البراز فلم يبرز إليه أحد.
6- قال الشيخ محمّد علي الزهيري: فإنّه كان في منتهى الشرف والفضيلة، وكبر النفس، ولقد جمع العلم والحلم، والتقى والورع، والهيبة والنباهة، والسخاء والشجاعة، إلى غير ذلك من الصفات الحميدة، والنعوت الكريمة.
7- قال الشيخ عبد الواحد المظفّر: إنّ الكاتب القدير، والخطيب المتضلّع، إذا همّ بتحديد ناحية من نواحي فضائله الجمّة، ومكارمه العديدة، ورام أن يبرزها للمجتمع بصفتها الحقيقية، جاذبته الناحية الاُخرى، فالشجاعة، فالعلم، فالكرم، فالسؤدد، فالفصاحة، فالبصيرة، فالتقوى، فاليقين، فالإخلاص، فالتفاني في الدين… إلخ.
8- قال إسماعيل اليوسف: خرج علي بن الحسين الأكبر عليه السّلام وكان من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً، وكان في الخامسة والعشرين من عمره، وهو أوّل شهيد يوم كربلاء من آل أبي طالب.
9- قال خير الدين الزركلي: علي الأكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي من سادات الطالبيين وشجعانهم، قُتل مع أبيه الحسين السبط الشهيد في وقعة الطفّ كربلاء، وكان أوّل مَنْ قُتل بها من أهل الحسين.
10- قال خالد محمّد خالد: وكان أوّلهم انطلاقاً علي بن الحسين، فتى لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره. انظروا ها هو ذا في نضرة شبابه وريعان إهابه، في روعة بأسه وشرف نفسه يتوسّط حراب الأعداء وسيوفهم، وهو ينشد:
أنا عليُّ بنُ الحسين بنِ علي نحن وربّ البيت أولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابنُ الدعي
تماماً كما كان يصنع من قبل جدّه الإمام علي عليه السّلام حين كان يقتحم المعارك في عنفوانه اللجب، وهو يزأر:
أنا الذي سمّتني أُمي حيدره كليـث غاباتٍ كريــهِ المنظره
أكيلهم بالصاع كيلَ السندره
ها هو ذا ابن التاسعة عشرة يعيد إلى الحياة مرّة اُخرى بطولات جدّه العظيم، ذرّية بعضها من بعض.
11- وقال أميل حبش الأشقر: وهذا علي الأكبر بن الحسين، وأُمّه ليلى بنت أبي مرّة، يحمل على القوم، وهو يقول:
أنا عليُّ بنُ الحسين بنِ علي نحن وربِّ البيت أولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابنُ الدعي.
فعل ذلك مراراً، لا يبالي بالعاصفة الهوجاء تضيع فيها نفوس الرجال حتّى طعنه مرّة بن منقذ العبدي طعنة لفظ بعدها الروح.