اعلم أن من التنبيه على أن فضل يوم الغدير ما عرف مثله بعده ولا قبله لأحد من الأوصياء والأعيان. فيما مضى من الأزمان وجوه:
وفي فضل يوم الغدير: أن الله جل جلاله جعل نفس علي (عليه السلام) نفس النبي (صلى الله عليه وآله) في آية المباهلة. فقال تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم).
وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف أن الأبناء الحسن والحسين، والنساء فاطمة، وأنفسنا علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم). فمنها جرى من التعظيم لنفس رسول الله، فمولانا علي (عليه السلام) داخل فيما يمكن فيه من ذلك المقام. ولو اقتصرنا على هذا الوجه الكبير لكفى في تعظيم يوم الغدير.
وجاء في الطرائف عن المخالف
أن نور على من نور النبي (صلى الله عليه وآله) في أصل خلقتها، وأن ذلك ينبه على تعظيم منزلتهما.
ومنها: أن مولانا علياً (صلوات الله عليه) في أمته.
ومنها: أن كلما عصمت حرمة المنصوص عليه بالخلافة كان ذلك تعظيماً لمن كان عنه. ومولانا علي (عليه السلام) نائب عن الله ورسوله في كل رحمة ورأفة وأماناً من مخافة.
ومنها: أن الله جل جلاله قال: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). فيكون علي عليه السلام بمقتضى هذا الوصف الذي لا يجحد ولا ينكر، الرئيس من الله ورسوله صلى الله عليه وآله على هذه الأمة، التي هي خير الأمم أعظم من كل رئيس في شرف القدم وعلو الهمم وكمال القسم.
ومنها: أن الامتحان بنص الله جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه على مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وجدناه أعظم من كل امتحان عرفناه للأوصياء لأجل ما اتفق لمولانا على صلوات الله عليه من كثرة الحاسدين وأعداء الدين، الذين عاداهم وجاهدهم في الله رب العالمين وفى نصرة سيد المرسلين.
وقد شهدت عدالة الألباب أن المنازل في الفضل تزيد بزيادة الامتحان الوارد من جانب مالك الأسباب.
ومنها: أن مولانا علياً (عليه السلام) وقى النبي (صلى الله عليه وآله) وحفظ الإسلام والمسلمين في عدة مقامات، عجز عنها كثير من قوة العالمين. فجازاه جل جلاله ورسوله صلوات الله عليه شرف ذلك الفضل المبين بهذا المقام المكين مثل أنه بات على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة.
وقد عجز عنها كل من قرب منه وكانوا بين هارب أو عاجز عنه. فكلما جرى بالمهاجرة من الشهادة في الدنيا والآخرة، فمولانا حيث فداه بمهجته أصل الفوائد بنبوته.
ومنها: أداؤه سورة براءة ونبذ عهود المشركين، لما نزل إلى خاتم النبيين أنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك. فكان القائم مقام النبوة مولانا على أمير المؤمنين (عليه السلام).
مقامات الإمام علي (عليه السلام)
ومنها: مقامات مولانا علي عليه السلام في بدر وخبير وحنين وفى أحد، وفى كل موقف كان يمكن أن يخذل الوالد للولد .
ومنها: قتل مولانا على صلوات الله عليه لعمرو بن عبد ود، العظيم الشأن، وقد روينا في الطرائف عن المخالف أن النبي (صلى الله عليه وآله). قال: لضربة على لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة. وكذلك قال النبي صلوات الله عليه لما برز مولانا على إليه: برز الإسلام كله إلى الكفر كله، فما ظنك برجل يرى النبي صلوات الله عليه أنه هو الإسلام كله. وكيف يدرك بالبيان والتبيان فضله، ولله در القائل: يفنى الكلام ولا يحيط بوصفه * أيحيط ما يفنى بما لا ينفد ومنها: أن الله جل جلاله جعل النص منه جل جلاله ومن رسوله صلوات الله عليه بالخلافة لعلى صلوات الله عليه يقوم مقام جميع فضل الرسالة، وهذا مقام لا يبلغ وصفى حقيقته. فقال جل جلاله: (يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
وقد ذكرنا في الطرائف عن المخالف وفي هذا الكتاب أن المراد بهذه الآية ولاية على صلوات الله عليه يوم الغدير من غير ارتياب.
ومنها: أن عناية الله جل جلاله بمولانا علي (عليه السلام) بلغت بتكرار الآيات والمعجزات والكرامات إلى أن ادعى فيه خلق عظيم باقون إلى هذه الأوقات. ما ادعى بعض النصارى في عيسى صلوات الله عليه، وأنه رب العالمين الذي يجب أن توجه العبادات إليه.
ومنها: أن مولانا عليا عليه السلام عذب الذين ادعوا فيه الآلية كما أمره صاحب النبوة الربانية، ولم يزدهم تعذيبه لهم إلا ملزماً بأنه رب العالمين. وما عرفنا أن معبوداً عذب من يعبده بمثل ذلك العذاب، وهو مقيم على عبادته بالجد والاجتهاد.
فكان ذلك تنبيهاً على أن ظهور فضله خرق العقول والبصائر حتى بلغ إلى هذا الأمر الباهر. وما يقدر على شرح فضائل مولانا علي عليه السلام على التفضيل.
وقد ذكرنا في الطرائف وجوها دالة على مقامه الجليل، وقد نطق القرآن الشريف بنعم الله تعالى على عباده مطلقاً على التجميل. فقال تعالى: (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها)، فهذا يكون من تلك النعم التي لا تحصى لأنه عليه السلام رئيس القوم الذين ظهروا بها وحصلوها.
كما يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية