كتب فاضل حاتم الموسوي: تمتاز كل فئة من فئات المسلمين أن لهم شعائرهم الدينية ومناسباتهم الخاصة بهم اعتادوا عليها. فأصبحت جزءاً من هويتهم ومنظومتهم الفكرية. وترتبط هذه الشعائر عادة بزمان خاص يقيمونها بها وأماكن خاصة.
ومن بين تلك الفئات هم شيعة أهل البيت (ع) الذين اعتادوا على ممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم باستمرار سواء كانوا أفراداً أو مجتمعات كلٌ حسب إمكانياته. ويستندون في ذلك إلى التأكيد الشديد الوارد في الروايات الشريفة عن رسول الله وأهل بيته (ع) على إقامة تلك الشعائر الدينية. وما يترتب عليها من الأجر والثواب لكل من سعى وساهم فيها.
وتأتي شعائر الإمام الحسين (ع) من مجالس العزاء ومواكب الخدمة وقراءة الشعر والمراثي من أهم المراسيم وأبرزها. ويكاد يكون جميع الشيعة يشاركون بهذه المراسيم ولا يتخلف أحد منهم عنها, لأنها تمثل نوعاً من أنواع الالتزام الديني. وكذلك تساهم في البناء الثقافي والسلوكي عندهم. لما تشتمل عليه من استذكار لسيرة رسول الله (ص) والأئمة المعصومون (ع) وتوجيهاتهم وإرشاداتهم نحو الالتزام الديني والأخلاقي. وهذا ما نراه جلياً في عموم المجالس الحسينية المنتشرة في عموم المناطق الشيعية.
كذلك من طبيعة تلك المجالس أنها تُفتتح بقراءة القرآن الكريم وتنتهي بالدعاء والتضرع إلى الله تعالى. وتُضاف لها صبغة روحانية لأنها تُعقد في المساجد والحسينيات إلا في بعض الحالات.
وغالباً يُقدم للمعزين وجبات طعام وثوابات تُهدى لوجه الله تعالى , وهذا يعني أنها – الشعائر – عبارة عن سلوك جماعي يسعى بالإنسان نحو الله تعالى ضمن برامج معينة تناقلوها جيل عن جيل. رغم التحديات الكبيرة والصعوبات التي يتحملها أصحاب الأمانة قبل تسليمها لمن يأتي بعدهم .
إن الرؤية الإسلامية الشاملة والثوابت التي ينطلق منها خطاب المنبر الحسيني في ترسيخ روح الوحدة الوطنية ومعالجة قضايا الأمة والابتعاد عن الخطاب المذهبي الضيق. كان أداة واضحة في تعزيز الإخاء الوطني وهذا موضع تقدير واحترام من قبل المجتمع. وما لمسناه في الفترة الأخيرة من تحول واضح في المآتم والمجالس من طبيعة النعي والبكاء إلى تثقيف وتوجيه جماهيري. له أبعاد وطنية وتعزيز الشعور بالمسؤولية .
ومن الصور الجميلة التي رأيناها في المجالس الحسينية مؤخراً هي حضور شخصيات من المذاهب السنية والصوفية واستماعهم إلى الخطاب الحسيني. وحقيقة أن هذه الحركة جريئة وغير مسبوقة ولم يألفها المجتمع لعقود من الزمن. وهي دليل واضح على سعة وشمولية الخطاب وعدم تأطيره وحصره ضمن الساحة الشيعية فقط.
نحن بحاجة ماسة إلى النظر إلى كل هذه الإيجابيات المترتبة على إقامة الشعائر الدينية وعدم التفكير بعقلية الكراهية وبث الأحقاد بين الناس على أساس مذهبي وديني. يفرز لنا ثقافة عصبية مقيتة تطفو على السطح بين فترة وأخرى. فلكل أتباع عقيدة شعائرهم وطقوسهم الدينية الخاصة بهم محترمة ولا مبرر للغضب والانزعاج.