كتب حازم الشحماني: في بيانه الختامي لزيارة الأربعين عام 1441 للهجرة، لفت انتباهنا المرجع اليعقوبي حين بادر لتهنئة العراقيين بقوله “نهنّئ الشعب العراقي الأبي الكريم – مواكب وهيئات وجهات ومؤسسات وأفراد- على وقفته العظيمة بكل تواضع وإيثار وحب لإنجاح هذه الشعيرة المباركة بكل تفاصيلها”.
وعاد في بيان ختام زيارة هذا العام ليصف هذا الحراك الأربعيني بالرسالة الناطقة بالمبادئ الإنسانية. حين قال
“في هذا العام وفي كل عام يقدّم ملايين المسلمين العاشقين لنهج الحسين (عليه السلام). رسالة العدالة والسعادة والسلام والمحبة والأخوة إلى جميع بني البشر. ورفض الظلم والاستعباد والاستكبار والاستئثار من خلال هذه المسيرة المليونية الممتدة على مسافة مئات الكيلومترات التي تنطق بكل المبادئ الإنسانية النبيلة”.
وكأن سماحة المرجع يريد أن يؤكد على أن زيارة الأربعين ورسالتها هي منة الله تعالى على الشعب العراقي فقدر له أن يكون حاملها الأول. والملاحظ في البيان وفي نفس عبارته التي ذكرناها الإشارة إلى أن هذه المسيرة تنطق بكل تلك المبادئ الإنسانية المنشودة.
فأفعال العراقيين خلال زيارة الأربعين هي تلك الرسالة الناطقة، فكلنا يشاهد وخلال أيام قد تصل لعشرين يوماً أعجوبة بشرية لا مثيل لها و كأنها أنهار تجري نحو مصب واحد، بعضها من الشمال، وبعضها من الجنوب. ولله در هذا الأخير و هو نهر الأربعين الذي أبي إلا أن يجري عكس جريان الفرات باتجاه كربلاء، نهر من البشر موجة تتبع موجة، نرى على ضفتيه العجب العجاب من البذل والعطاء ممن لايريد جزاء ولا شكورا إلا مودة الحسين.
ففي رسالة الأربعين يذوب الحرص على الأموال والبنين؛ يذوب حب الدنيا؛ والتعلق بها؛ فنرى الجميع يتسابق ليكتب له حرفاً في سطور هذه الرسالة ما بين باذل وبين عامل؛ وقد لفت انتباهنا هذا العام ازدياد ظاهرة التحسر والحزن عند انتهاء أيام خدمة الزوار.
فقد شوهد عشرات الشباب وهم يبكون عند رفعهم لمواكب الخدمة؛ فأية رسالة هذه التي يحملها هؤلاء، وأية حظوة هذه تشرفنا كعراقيين بالحصول عليها..
انتهت زيارة الأربعين لهذا العام وختمها المرجع ببيانه الذي لا يخلو من إشارات أخرى؛ أوضحها ما صرح به من لفت نظر العالم أجمع إلى أن في نهر الأربعين مضادات غيبية لم يصمد أمامها فايروس كورونا الذي أرعب العالم..
انتهت زيارة هذا العام ؛ لكن الرسالة لم تنته بعد ؛ فسر الحسين باق ما بقي الدهر؛ وعلينا أن نلتفت إلى أننا نمتلك هذه المنة الإلهية التي يبدو أنها من أهم أسباب ديمومة، وإبقاء الدين؛ والتي يبدو أنها ستكون أيضاً إحدى أهم أسباب توجه بوصلة البشرية نحو نقطة الفرج المنشود؛ ذلك الفرج المشروط باستمرار ظاهرة النطق الأربعيني طوال أيام السنة؛ وهذا ما يحتاج إلى مد آخر ليس هنا محل كلامه..
حازم الشحماني
البصرة
يوم الأربعين لعام 1443