الحلقة الثالثة
قال الله تعالى في كتابه الحكيم: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} آل عمران ١٨٨
ولقد كان حديثي في الحلقة السابقة عن عدم إستثمار الفرص الكثيرة من قبل الكثير من طلبة العلم رغم توفرها. والتي كانت أمنية للجيل الذي سبقنا وقد قلت أنهم لو عادوا إلى الحياة بعد شهادتهم لماتوا ألما من أهمالنا لهذه الفرص وقد تركت فرصة للأخوة أن يتحدثوا عما يجول بخواطرهم ويدافعوا بما يرونه مناسبا من الدفاع.
ومن الأمور التي دافعوا بها أن الحوزة العلمية لطالما قدمت الشهداء والمجاهدين في سوح الوغى. وأبرزت الخطباء والواعظين بل والكثير من العاملين. فنقول ان ما تقدم حق لا شك فيه ولكن هذا الجواب هو دفاع عن الحوزة الشريفة كونها هي التي تربينا هكذا ولكن الذين لا تنطبق عليهم تلك العناوين سيكون جوابهم حجة عليهم وليس لهم كونهم نفضوا ما تريده منا حوزتنا ولم يحققوا الأهداف المرجوة وهم مصداق للآية الشريفة. {وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . واؤكد أن هذا المدح خاص بالطلبة الذين طبقوا المعاني المتقدمة وليس الذين تقاعسوا عنها فهذا الجواب ينطبق عليه المثل الدارج (الگرعه تتباهه براس بنت عمها).
إن هدفنا من هذه السلسلة هو التقليل من عدد المتقاعسين وزيادة عدد المهتمين بهداية المجتمع والتقليل من النقد غير المجدي. لأنه جهد العاجز نعم نحتاج إلى تشخيص المرض ووضع العلاج المناسب والحوزة الشريفة بفضل الله تعالى منحت طالب العلم القدرة على البيان. فعلينا بزيادة المواعظ والأرشادات والقيام بالأنشطة التي تساهم في رفع مستوى الإيمان والعمل الصالح في المجتمع وعلى جميع الأصعدة فتكون الحالة الشاذة هم العصاة وليس العكس. وبذلك نستطيع أن نعمل بقانون الوقاية خير من العلاج ونكون حصونا للأمة ونمنحهم الحصانة من الخلل والزلل ونكتسب العزة للدين والمؤمنين.
وهو ما يريده الله عز وجل منا كما في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } المائدة ٢ فالذي يؤدي واجبه يكون عونا لإخوانه فيعلو بنيانه. وهذا ما بينه النبي (ص) حيث قال: (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك أصابعه) .
اللهم ألهمنا ذكرك وشكرك أنك على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين .
الخطيب الحسيني السيد رسول الياسري