الكحول هو روح الخمر حتى سميت المسكرات بالمشروبات الكحولية التي تحتوي على نسب مختلفة من الكحول، والكحول كلمة عامة لأي مركب عضوي يحتوي على جذر الهيدروكسيل (OH) والكاربون والهيدروجين، وتسمى كحولات أحادية وثنائية، وهكذا بحسب عدد جذر الهيدروكسيل في المركب.
وقد قال المتخصصون: إن تركيز الكحول في الخمر التي يتناولها الفسقة (12-15)% وفي التخمير الطبيعي تصل نسبته إلى (9-13) %. وهذا النوع من الكحول الناتج من التخمير يسمى بالكحول الأثيلي أو الإيثانول. ويوجد نوع آخر من الكحول يسمى المثيلي أو الميثانول. ويحضّر صناعياً من دون عملية تخمير كالطريقة المسماة بالتقطير الإتلافي للخشب أو بعمليات كيميائية أخرى وهي مادة سمّيّة.
والكحولات بأنواعها لها طرق لإنتاجها بعضها كيميائية صناعية والأخرى طبيعية، والمركب الرئيسي الفعال في المشروبات الكحولية هو الإيثانول. وهو سائل طيّار عند الحرارة العادية، أقل كثافة من الماء ويذوب بسهولة فيه، كما أنه لاذع الطعم قابل للاشتعال ويتم تكوينه بطريقة التخمّر. ومصدره الفواكه مثل العنب والتمر والزبيب والخوخ والموز أو من الحبوب كالحنطة والشعير والذرة والرز ويصنع من العسل والبطاطس والسكر وغيرها.
تدخل مادة الكحول في كثير من الاستعمالات كالعطور والأصباغ والأدوية، وتتكون نسبة من الكحول عند صناعة بعض أنواع المعجّنات والحلويات وغيرها. فهل يكون لهذا الكحول نفس حكم ما يضاف منه إلى المشروبات الكحولية؟ فهناك جملة من العلماء والفضلاء يتحرّزون من مسّ الأبواب والأثاث الخشبية المصبوغة أو من العطور المحتوية على الكحول لالتزامهم بنجاستها. وربما امتنعوا عن تناول بعض الأدوية لنفس السبب، فالمسألة لا تخلو من ثمرات عملية واسعة.
قال السيد الخوئي (قدس سره) بعد أن عد المسكر المائع بالأصالة بجميع أقسامه من أعيان النجاسات: وأما السبيرتو المتّخذ من الأخشاب أو الأجسام الأخرى. فالظاهر طهارته بجميع أقسامه.
أما السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) لما قال بنجاسة المسكر المائع المتخذ من العنب أو الزبيب أو التمر أو العسل أو الشعير خاصة. فقد فرّع (قدس سره) عليها (السبرتو إن كان أصله الطبيعي أحد الأقسام السابقة فهو نجس، وإن كان من غيرها أو شك في ذلك فهو طاهر).
واستثنى جملة من الفقهاء المعاصرين ومنهم السيد الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) من حرمة تناول الكحول حالة كون نسبة الكحول إلى مجموع الغذاء والدواء مستهلكة عرفاً. بحيث يكون وجودها ملحقاً عرفاً بالعدم وهذا لا يكون أكثر من 1.5% وإن كان أكثر لا يكون بمستهلك. وأما إذا كان بهذه النسبة وأقل فهو مستهلك ويجوز تناوله.
والرأي المختار عند سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) هو أن القول بنجاسة الكحول مبتنٍ على نجاسة الخمر وأن تحضيره يكون بطريقة التخمير وليس بالطرق الكيمائية. ولم يثبت ذلك وإنما بنينا عملاً على نجاسة خصوص ما سمّي خمراً عرفاً مما يتعاطاه الفسقة. وبالتالي فلا إشكال من حيث النجاسة، ولا من حيث الحرمة. لأن الكحول الموجود في الأدوية والأغذية ليس مادة كحولية مسكرة تضاف إلى هذه المواد. وإنما مركبات كيميائية صناعية تدخل في تركيب هذه المواد ونسبتها ضئيلة جداً تقل عن (1) بالألف أحياناً.
انظر موسوعة فقه الخلاف لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله), ج1, ص163 , والصادر عن دار الصادقين 1441هـ / 2020.
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية