عندما جاء رئيس أساقفة نجران في وفد علماء النصارى وشخصياتهم ، ورأى هذا المنظر ، لم يملك نفسه أن قال : (والله إني لأرى وجوهاً لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها من مواضعها ) .
وجوهاً إذا حركت شفاهها بالدعاء . . أو مدت أيديها إلى السماء . . لامتلأ الوادي على وفد النصارى ناراً ، ولما بقي نصراني على وجه الأرض ! !
يا ليت أن فهم هذا الأسقف النصراني كان توأماً مع نقل الفخر الرازي !
لكن مع الأسف فإنا نرى نقل الحديث من الفخر الرازي ، بينما درايته من الأسقف النصراني ! وهذا بحد بذاته مصيبة كبرى !
قال الأسقف النصراني لقومه يجب أن نعمل بكل وسيلة لكي لا يرفع هؤلاء أيديهم بالدعاء !
وكان النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة وعلي والحسن والحسين : ( إذا دعوت فأمِّنوا ) !
إلتفتوا إلى هذه الكلمة ، ما معنى هذه الجملة أيها الفخر الرازي ؟ أيها الزمخشري ؟ أيها البيضاوي ؟ معناها أنه : أن النبي يقول عملي تطبيق لأمر الوحي بقوله تعالى : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . ( سورة آل عمران : 61 ) حيث أوجب عز وجل أن يجتمع هؤلاء ، ولذا قال لهم النبي : إذا دعوت فأمِّنوا .
ومعنى هذا أن دعائي بصفتي خاتم النبيين مقتض ، لكن شرط فعلية اقتضاء المقتضي أنفاس فاطمة الزهراء ، فلا بد أن ينضم تأمينها إلى دعائي ! هكذا قرر الوحي ، وهكذا قررت السنة هنا : أن دعاء الزهراء شرط لدعاء النبي صلى الله عليه وآله والمقتضي محال أن يؤثر بدون شرطه ! ففي هذا المقام مقام مباهلة النبي صلى الله عليه وآله مع النصارى لابد مع رفع النبي يديه نحو السماء أن ترتفع معه أيدي أربعة آخرين حتى يستجاب الدعاء ويتحقق المطلوب ! !
وما دام الأمر هكذا ، فيا ترى من هو علي ؟ ومن هي فاطمة ؟ ومن هو الحسن بن علي ؟ ومن هو الحسين بن علي ؟ ! !
إن قيمة الحديث ليس بروايته ، بل بدرايته ، والأساس في الدين هو التفقه فيه ، والكمال كل الكمال في التفقه والدراية لا بالرواية . وحقيقة التفقه أن تتعمق في كل الأفعال والأقوال والخصوصيات ، ثم تستنتج .
المرجع الديني الشيخ حسين وحيد الخراساني