قال الله تعالى في محكم كتابه: {فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَٰكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} ( الأعراف ٧٩).
تابعت بعض مواقع التواصل الاجتماعي فوجدت فرح بعض رواد التواصل الاجتماعي بلقاء تلفزيوني، تم مع أحد طلبة العلوم الدينية من مذهب أهل البيت (عليهم السلام) على إحدى القنوات الفضائية المخالفة لنا في العقيدة، حيث أظهر فيه أدب المحاورة وموضوعية الحديث وسلاسة الأسلوب والردود.
وهنا لا أريد أن أقيًم هذا الشخص لكي لا ندخل في تقييم أشخاص فقد ظهر في فترات سابقة أشخاص قاموا بمنجزات على صعيد نصرة المذهب الحق، ولكن سرعان صدرت عنهم مواقف تعتبر غير صحيحة ومستعجلة حسب رأيي، مما أدى إلى انتقادهم ومهاجمتهم من قبل كثيرين، لذا نحن هنا نقيم المواقف والأفعال ونبتعد عن تقييم الأشخاص وشخصنة المواقف.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما)، وهنا لا نريد طبعاً أن ننفي عن هذا الشخص روح المثابرة وجده في السعي لتحقيق ما يريد من خلال ما يقدمه في الساحة، ونسأل الله تعالى له ولنا الثبات على الحق لأن ما صدر منه أمر يدعو للبهجة والسرور فعلاً بل رأيت بحسب نظري القاصر أن الدعاء له بظهر الغيب قد تحتم على كل موال لأهل البيت (عليهم السلام) لأنه يسجل مواقف لأهل البيت (عليهم السلام) وبيان حقهم ونهجهم.
لكن ينبغي إثارة قضية أخرى بهذه المناسبة وهي: أين نحن من تعميم التجربة الناجحة وتعزيزها ومراجعة أسباب قلة الدعاة في تلك الأوساط الاجتماعية التي تتبنى فكراً مغايراً لعقيدة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، وأين الطرح الذكي والصادق والذي لا يتنافى مع التعايش السلمي ويفسح المجال للإدلاء بالرأي الآخر تطبيقاً لقوله تعالى: {إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}(سبأ 24) .
إذن علينا أن نجري عملية تقييم وتقويم لما نقدمه وقدمناه ولما يتوجب علينا تقديمه ونترك المكابرات لنصل إلى النتائج التي ترضي عنا إمام الزمان (عجل الله فرجه)، وللأسف أن نتيجة هذا التقييم لو حصل هي أننا لم نؤد حق أهل البيت (عليهم السلام) في الدفاع عنهم وطرح رؤاهم بشكل كاف ومفيد وأسباب ذلك كثيرة، ولكني سأشير إلى بعض منها وبشكل مختصر راجياً من الله سبحانه وتعالى صلاح حالي وحال إخواني من طلبة العلوم الدينية إنه نعم المولى ونعم النصير .
أولاً/ حالة فقدان الهدفية التبليغية في الأوساط الحوزوية حيث تعتبر صفة غالبة، ولهذا تجد أن هناك نقداً لمن يتوجه للتبليغ ويتم الثناء على من يتوجه للتدريس وكذلك يوجد من ينتقد الحالة المغايرة، وإن كان صوت هذا النقد الثاني منخفضا إذا ما قيس بالأول والحقيقة هي: أن التدريس والتبليغ كلاهما مطلوبان من طالب العلم وهما الجناحان الذي بهما يطير ، نعم قد تضيق المساحات وتتسع وهذا لا يضر لكن الانكفاء على زاوية وترك الزاوية الأخرى يدلل بشكل من الأشكال إما على ضعف في القابلية أو تكاسل عن الإنتاجية وهو ما ينبغي معالجته على المستوى النظري والعملي .
ثانياً/ الاهتمام بالدرس الرسمي الحوزوي وترك المطالعة الخارجية وهذا أحد الأسباب التي جعلت عددا لا يستهان به من الطلبة لا يواكبون التحديات التي تحيط بالأمة، مما أدى لفسح المجال لغير المختصين (الدارسين في الحوزة العلمية) للتصدي وتقمص الدور المناط بالحوزة مما جعلهم يشرقون ويغربون ويخفقون في الطرح وهذا الامر أحدث تشوها للفكرة والدعوة، كما انه اربك الوضع الداخلي للحوزة بسبب استنزاف جهودها لإبعاد هؤلاء غير المؤهلين عن المشهد مما أدى إلى حصول نزاع داخلي، ومما يؤلم أيضاً هو عدم قدرة العامة على تمييز الغث من السمين مما أدى إلى اشتباه البعض عقائدياً، إضافة إلى أنه أشغل حتى العاملين الدعاة وأدى إلى تباطؤهم عن نشر الدعوة للمغاير في العقيدة بسبب الانشغال برد شبهات هؤلاء ومعالجة التشوهات الداخلية والحديث في هذا المجال طويل وذي شجون .
ثالثاً/ فقدان الطلبة للأساليب والأدوات الدعوية والتبليغية المناسبة مما جعل المعلومة حتى في حال وجودها غير مؤثرة بالآخرين لأنهم يفتقدون للمهارات المطلوبة لتحقيق هذا المعنى المطلوب والترويج والاقناع به .
ومن هنا أوجه نداء المحبة والإجلال للذين يتم تكليفهم بإدارة الحوزات من قبل المرجعيات الموقرة واوصيهم ان يراعوا هذه الأمور لتحقيق الزيادة النوعية وعدم الاهتمام بالزيادة الكمية غير المنتجة وقد وعدت سابقا سواءً بحديث مباشر مع بعض الأشخاص من ذوي العلاقة أو عبر بعض المنشورات السابقة بتزويد الأحبة مدراء الحوزات ببرنامج متكامل في حال وجدت الرغبة الحقيقية منهم في التطوير والتغيير ، والباب لازال مفتوحا والفرصة متاحة لذلك حيث اعمل برفقة فريق واع ومختص ومستعد لتقديم الخدمة لأي جهة تكتسب الشرعية وأعني هنا التي تكون على رأسها مرجعية فقد
ربتنا مرجعيتنا أن لا نبخل بما نمتلك على طالبي الكمال بوضع البرامج وتدريبهم عليها لعلها تكون كفارة لنا ورفعة لحوزتنا ومذهبنا.
اللهم أيد من نصر الدين وأدفع السوء عن جميع المؤمنين برحمتك يا أرحم الراحمين.
الخطيب الحسيني
السيد رسول الياسري
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية