كتبت في مناسبة سابقة عن موضوع الفرج المشروط وتحقق الوعود الإلهية الثلاثة. . الاستخلاف.. والتمكين.. والامن.. في قوله تعالى
(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ.. )
وذلك من خلال ذكر آيات اسميتها في حينها بايات (ولو انهم)
واستمعنا اليوم جميعا خلال الخطاب الفاطمي لسماحة الشيخ المرجع(ادام الله ظله) إلى عبارة ((ان فاطمة انما دعت الناس لعلي المشروع لا لعلي الشخص))
فجالت بخاطري تلك الآيات التي ذكرت شروطا متعددة لتحقق بركات الوعد الإلهي المشروطة بتحققها، واذا بي التفت إلى أن كل تلك الشروط إنما كانت أفعالها في تلك الآيات:-
(آَمَنُوا وَاتَّقَوْا) في
(وَلَـــــــــوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
؛ و(جَاءُوكَ) في
(وَلَـــــــــــوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا)
لاحظوا (جاءوك)
فالرجوع إلى القيادة الحقة عامل ضبط وشرط لارجاع بوصلة المسيرة الى جادة الصواب…وهذا ما يتفق عليه الاغلب على مستوى المفهوم…ولكن عند تحديد المصاديق تكون المزاليق..
والبون شاسع واسع بين نقطتي النظرية والتطبيق لدى الكثير من أبناء اليوم وعلى مختلف المستويات..
؛وكذلك نجد فعل ( فَعَلُوا) في
(وَلَـــــــــــوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا )
؛و(أقاموا) في
(وَلَـــــــوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ)
؛وكذلك الحال في الآية التي انطلق منها المرجع
(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
اذن #فتفعيل المشروع الذي تجسد بشخص الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه باعلى مراتبه بعد رسول الله (ص) لا يكون بالمعرفة والنظرية وحسب؛ بل لابد من تفعيل المشروع عمليا على أرض الواقع، ولذلك جاءت تلك الأفعال كشروط لتحقق مشروطاتها.. ويستشعر المتأمل في هذا التنبيه ان التنبيه متوجه لأبناء المذهب الحق دون المخالفين، وهذا واضح لتوفر شرط المعرفة النظرية لدى الموالين بعكس المخالفين الذين لم يصلوا حتى لتلك المعرفة النظرية..
فتفعيل المشروع هو غاية المطلوب منا نحن ولم ولن يكتفى منا بالمعرفة النظرية التي تعتبر الجناح الأول #ولابد للطائر َمن جناحين…
فمتى ما كان جناح العمل كان المشروع.
الشيخ حازم الشحماني
الطريق من النجف إلى البصرة
ومضة من الخطاب الفاطمي اليوم 3 جمادى الآخرة 1444 للهجرة