الحزم أمام الانحراف
صفة للقيادة الناجحة
من مواصفات القيادة الحقيقية الناجحة أن القائد يحرص دائماً على تحصين القاعدة الشعبية والأمة عموماً ثقافياً وفكرياً وعقائدياً، ليحفظ الإطار العام للسلوك القويم في المجتمع، ويجنّب الناس الانزلاق في متاهات العقيدة والفكر، وهذا يتطلب مواقف حازمة أمام المنعطفات والحوادث، وكل ما يمكن أن يؤثر على عقيدة الناس ودينهم، سواء كان شخصاً أو جماعة أو كتاباً أو فكرة .. الخ
وهذا ما جسّده الإمام الجواد (عليه السلام) وهو متصد للقيادة، في وجوه متعددة منها:
مراقبته الحثيثة للمحيطين به، فلم يكن جميعهم ممن يحمل الإيمان الحقيقي الذي يطمأن إليه، إنما كان بعضهم ممن يعيش الشخصية المزدوجة، حيث يظهر بمظهر خارجي يتلاءم مع الجو العام المحيط به، لكنه يستبطن وجهاً آخراً.
ومن هؤلاء من كان يدعى بالخطاب، وهو (محمد بن أبي زينب مقلاص الاَسدي الكوفي الاَجدع)، وكان في بادئ أمره من أصحاب الاِمام الصادق (ع)، ثم انحرف عن نهج أهل البيت (ع)، بل وعن الدين، فأخذ ينسب أباطيله وعقائده الفاسدة إلى الاِمام الصادق (ع) كذباً وزوراً، وتبعه عدد من المضلّلين والنفعيين حتى شكّلوا فرقة سمّيت فيما بعد بـ “الخطّابية”.
من عقائدهم زعموا أن الصلاة والصيام والتكاليف الأخرى، والخمر والزنا والسرقة وغيرها هي أسماء رجال، والآيات القرآنية الآمرة بأداء تلك الاَعمال والناهية عنها، إنّما هي آمرة بمحبة أولئك الرجال أو النهي عن محبتهم فقط! كما أظهروا كثيراً من البدع والضلالات والإباحات، حتى وصل بهم الاَمر إلى الدعوة إلى نبوّة أبي الخطاب.
الموقف الحازم للقيادة
لم يسكت الإمام الجواد (ع) عن هذا الخط الضال المتنامي في جسد المجتمع، ولم يغفل عن إعلامه ومنشوراته وتحركاته التي يريد بها إحراف الناس عن النهج القويم، فقد روى عنه (عليه السلام) أنه قال: وقد ذُكر عنده أبو الخطاب (لعن الله أبا الخطّاب، ولعن أصحابه، ولعن الشاكّين في لعنه، ولعن من وقف فيه، وشك فيه ..
ثم قال: هذا أبو الغمرو وجعفر بن واقد وهاشم بن أبي هاشم استأكلوا بنا الناس فصاروا دعاة يدعون الناس إلى ما دعا إليه أبو الخطاب لعنه الله ولعنهم معه ولعن من قبل ذلك منهم، يا علي لا تتحرجن من لعنهم لعنهم الله فإن الله قد لعنهم، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من يأجم أن يلعن من لعنه الله فعليه لعنة الله)
بحار الأنوار، المجلسي، ج ٢٥، ص ٣١٩
وبالإضافة إلى لعن الإمام (عليه السلام)، لأبي الخطّاب وأصحابه، فإنّه اتخذ موقفاً حاسماً من الواقفية وغيرها، وتجسدت هذه المواقف في نهيه عن التعامل مع الفطحية والواقفة ولم يجوّز الصلاة خلف أحدهم.
والحمد لله رب العالمين
الخطيب الحسيني
الشيخ عمار الشتيلي
النجف الأشرف
٢٥ ذ ق ١٤٤٤هج
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية