تعليق على النصوص السابقة:
1- إنها نصوص كثيرة ووافية وكلها تقريباً- ما عدا الأخير- من مصادر العامة وقد أخذنا منها محل الشاهد فقط (اللقب) ولم نذكر النصوص التي تحدثت عن شخصية الإمام الباقر (عليه السلام) وعلمه ومكانته وهي أكثر منها بكثير.
2- اختصاص الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) بهذا اللقب واضح فيها.
3- بعضها أشار لكون النبي (صلى الله عليه وآله) هو من أطلق عليه هذا اللقب قبل ولادته.
4- كلها تركز على معنيين فقط- ما عدا المعنى الثالث الذي تفرد به سبط ابن الجوزي وهو غريب نوعاً ما ولم يذكره غيره- الأول: التوسع في العلم، والثاني شق العلم، ولا مانع من اجتماعهما وبعضهم جمعهما فعلاً.
5- يبدو إن كلام أغلبهم كنوع من التفسير للقب وكأن اللقب هو نتاج ما ظهر فعلاً من علم الباقر (عليه السلام) وليس نتاج تسمية سابقة أيدها ما ظهر لاحقاً.
6- لا يوجد تحديد في النصوص لنوع العلم ولكن في بعضها كلام عن علوم الفقه والحديث والتفسير وهي أشهر صور تسمية العلم حينها عندهم وتنسجم مع معنى التوسع، ولكنها لا تنسجم مع معنى الشق لأنها علوم موجودة قبل الإمام (عليه السلام)، وهذا يعني -بحسب معنى الشق- إن الإمام ابتكر أو تحدث في علوم أخرى لم تكن معلومة لأهل زمانه قبله وإن كان يمكن القول إن القصد من الشق هنا التفريع ولكنها هناك تشابه التوسع، والحديث عن ذلك يتطلب بحثاً مستقلاً وليس هنا محله ولعل من أمثلة ذلك ما أورد أبي حاتم الرازي: ” كان الخليل بن أحمد أول من استخرج العروض، فاستنبط منها ومن علل النحو ما لم يستخرجه أحد ولم يسبق إلى مثله سابق. وسمعت بعض أهل العلم يذكر أن الخليل بن أحمد أخذ رسم العروض عن رجل من أصحاب محمد بن علي، أو من أصحاب علي بن الحسين (ع)، فوضع له أصولا، وقسم الشعر ضروبا، وسماه بها، وجعل لتلك الأقسام دوائر وأسطرا، وبناء على الساكن والمتحرك من أحرف الكلمة والخفيف والثقيل. فكل كلمة فيها حرف متحرك وحرف ساكن سماه سببا…”. (الزينة في الكلمات الإسلامية العربية لأبي حاتم الرازي ص80).
7- في بعضها أضيفت كلمة العلم إلى كلمة باقر فقيل باقر العلم-وأهمها ما ورد في رواية جابر- أو باقر العلوم للتأكيد على إن إطلاق لقب الباقر مخصص بالعلم لا بغيره.
8- فنحن هنا أمام سبع معانٍ للباقر:
الأول: التوسع في العلم.
الثاني: الشق بمعنى الإظهار أي إظهار علم الأنبياء كما في بعضها.
الثالث: الشق بمعنى التأسيس.
الرابع: الشق بمعنى التفرع في العلوم.
الخامس: إظهار آثار العلم.
السادس: كثرة السجود (وهو رأي تفرد به سبط ابن الجوزي كما قلنا).
السابع: تربية جيل من العلماء (قال به الشيخ فاضل الصفار في محاضرة له وهي وإن كانت صحيحة بنفسها ولكن كونها علة للتسمية مستبعد لأن لقب الباقر اشتهر به الإمام في حياته).
هذه المعاني كلها صحيحة وقابلة للاجتماع إذ لا تعارض بينها وهي تنسجم مع المعنى اللغوي ومع ما أورده جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومنسجمة مع واقع الإمام الباقر (عليه السلام) وعلمه ومكانته وتأثيره، ولكنها تتجاهل جزء مهم من النص الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنتحدث عنه لاحقاً.
رشيد السراي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية