نقلت كتب السنة والشيعة مضمون خطبة الرسول (صلى الله عليه وآله) بعشرات الآلاف من المسلمين في بيعة الغدير بتنصيبه الإمام علي (عليه السلام) خليفة له وقائداً للأمة فقال (من كنت مولاه فهذا علي مولاه .. اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار .. )) ونذكر بعض الشواهد على ذلك:
أولاً نزول جبرئيل (ع) على الرسول (ص) بآية التبليغ (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)…. وهذا الوعيد من الله تعالى على ترك التبليغ يدلل أن متعلق التبليغ أمر مهم وعظيم بحيث يكون الرسول (ص) كأنه لم يبلغ رسالة الله وأحكامه فيما لو ترك تبليغه .. وهو قطعاً ليس كما فسرته بعض فرق المسلمين بأن معناه التبليغ بمحبة علي فقط، وإنما المقصود التبليغ بأمر يرتبط بأصل رسالة النبي (ص) وضمان حفظها وديمومتها وهو يتحقق بخلافة قيادة معصومة مأمونة على صيانة الدين والرسالة المحمدية بأتم وجه، وهي الولاية والقيادة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام).
ثانياً – حتى يركز الرسول (صلى الله عليه وآله) هذه الحقيقة فإنه اختار خصوصيات للتبليغ تدلل على عظمة وأهمية موضوع التبليغ .. في مفترق طرق الحجاج بعد عودتهم من الحج وفي جموعهم الغفيرة التي قاربت (سبعين ألف مسلم) وفي وقت الظهيرة الشديد الحرارة، وبعدها نصب خيمة اجلس فيها علياً وأمر المسلمين بالسلام عليه بإمرة المؤمنين، ونقلت كتب السنة أن عمر بن الخطاب حينما سلّم وبارك للإمام علي هذه المنزلة العظيمة قال له (هنيئاً لك يا بن أبي طالب فقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .. فهل يعقل أن يكون موضوع التبليغ أمر سواء في الالتزام به وعدم الالتزام به من قبل المسلمين !
ثالثاً -بعض مصادر أهل السنة الذي رووا الحديث
1. محب الدين الطبري في (ذخائر العقبى) وفي (الرياض النضرة)
2 ـ الترمذي في (صحيحه ).
3 ـ البخاري في (التاريخ الكبير) وفي (الكنى).
4 ـ الحافظ النسائي في (الخصائص).
5 ـ ابن كثير في (البداية والنهاية).
6 ـ الهيثمي في (مجمع الزوائد).
7 ـ القندوزي في (ينابيع المودة).
8 ـ البغوي في (مصابيح السنة) وفي تفسيره (معالم التنزيل).
9 ـ جلال الدين السيوطي في (الحاوي للفتاوي) وفي (الدر المنثور)
10 ـ ابن المغازلي في (المناقب).
11 ـ ابن الأثير في (أسد الغابة).
12 ـ النابلسي في (ذخائر المنن).
13 ـ ابن ماجه في (سنن المصطفى).
14 ـ البيهقي في (الاعتقاد على مذهب السلف) وفي (المصنف) ـ
15 ـ الهندي في (الروض الزاهر).
16 ـ ابن حجر العسقلاني في (الإصابة) وفي (لسان الميزان) وفي (تهذيب التهذيب) وفي (الصواعق المحرقة).
17 ـ المناوي في (كنوز الحقائق) وفي (الكواكب الدرية).
18 ـ الجاحظ في (الرسائل العثمانية).
19 ـ الواحدي في (أسباب النزول)
20 ـ الرازي في (تفسيره الكبير) وفي (أحكام القرآن).
21 ـ النيسابوري في تفسيره (الكشف والبيان).
22 ـ الشيخ محمد عبده في (تفسير المنار).
23 ـ الشافعي البغدادي في (روح المعاني).
24 ـ الحسكاني في (شواهد التنزيل) توفي سنة 490 ه .
25 ـ الحافظ أبو عبد الله المحاملي في (اماليه).
26 ـ الحافظ عز الدين الموصلي الحنبلي في (تفسيره).
27 ـ نور الدين ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة).
28 ـ العلامة الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب).
29 ـ ابن عبد البر في (الاستيعاب).
30 ـ الدكتور طه حسين في (الفتنة الكبرى).
31 ـ الحموي في (معجم البلدان) وفي (فرائد السمطين)
32 ـ العلامة ابن عساكر في (تاريخ دمشق).
33 ـ الذهبي في (تلخيص المستدرك) وفي (تذكرة الحفاظ).
34 ـ النبهاني في (الشرف المؤبد لآل محمد).
35 ـ أحمد بن حنبل في (مسنده).
رابعاً – فهم المسلمون الحاضرون للواقعة أن واقعة الغدير هي تنصيب علي بن أبي طالب للإمامة والقيادة بشكل لا يقبل اللبس والتأويل ، وقد عبّر الشاعر حسان بن ثابت عن ذلك بقوله :
يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخم واسمع بالرسول مناديا
…..
فقال له قم يا علي فإنني
رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه
فكونوا له اتباع صدق مواليا
هناك دعا اللهم وال وليه
وكن للذي عادا علياً معاديا.
خامساً – وذكر سبط ابن الجوزي:
(إن المراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة, ومعنى ذلك من كنت أولى به من نفسه, فعلي أولى به)
ويفسر قوله صلى الله عليه وآله وسلم (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فيقول :
( هذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته ..)
سابعاً – اعتراض أحد المنافقين على تبليغ الرسول (ص) أمر الله تعالى بتنصيب علي بن أبي طالب (ع) إماماً وخليفة للرسول وقائد للأمة من بعده ونزلت آية كريمة تثبت الواقعة. وقد دلّت الروايات الكثيرة من كتب الفريقين على أن السائل المقصود هو النعمان أو النضر بن الحارث الفهري حين رفض التسليم لأمر النبي (ص) بمبايعة أمير المؤمنين (ع ) ولياً لأمر الأمة من بعده في واقعة الغدير: (……لَمَّا نَصَبَ رَسُولُ اللَّهِ(ص ) عَلِيّاً(ع )يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ، وَقَالَ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، ……فَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ(ص ) النُّعْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ الْفِهْرِيُّ، فَقَالَ: أَمَرْتَنَا عَنِ اللَّهِ أَنْ نَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَمَرْتَنَا بِالْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلاَةِ وَ الزَّكَاةِ فَقَبِلْنَاهَا، ثُمَّ لَمْ تَرْضَ حَتَّى نَصَبْتَ هَذَا الْغُلاَمَ، فَقُلْتُ: مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ، فَهَذَا شَيْءٌ مِنْكَ أَوْ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنَّ هَذَا مِنَ اللَّهِ، فَوَلَّى النُّعْمَانُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ يَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ، فَرَمَاهُ اللَّهُ بِحَجَرٍ عَلَى رَأْسِهِ فَقَتَلَهُ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: سَأَلَ سٰائِلٌ بِعَذٰابٍ وٰاقِعٍ) نقل العلّامة الأميني (رضوان الله تعالى عليه) في سفره القيّم (الغدير: 1/239-246) عن ثلاثين من علماء أهل السنة المشهورين نزول الآية في هذه الواقعة.
ناصح جنوبي
ليلة الغدير ( ١٨ ذي الحجة ١٤٤٤)
٢٠٢٣/٧/٦
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية