من الأنبياء الذين يمكننا تتبع تفاصيل عنهم لتوفر النصوص عنهم هو النبي موسى (عليه السلام) ومن واضحات الدين الإسلامي في التفسير والروايات إن وصي موسى (عليه السلام) هو هارون (عليه السلام) وحديث المنزلة من الروايات المشهورة عند عامة المسلمين ومذكور في مصادر الفريقين باختلاف يسير في العبارات:
“يا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبيّ بعدي”.
(أحمد بن حنبل، المسند، كتاب فضائل الصحابة، ج 2، ص 700 ح 954؛ صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب 4: من فضائل علي، ح 30/2404).
“أما ترضا أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟”.
(البخاري، صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب 9، ص 659، ح 3706. سنن ابن ماجة، باب 11: فضل علي بن ابي طالب، ج 1، ص 42، حديث 115).
“ألا ترضا أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا (ليس) نبيّ بعدي”
(صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب 80، ص 777، ح 4416).
“ألا ترضا أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبوة بعدي”.
(صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب 4: من فضائل علي، ح 34؛ الحاكم النیشابوري، المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة، مناقب أمير المؤمنين عليّ بن ابي طالب، ج 3، ص 109).
“أما ترضا أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنك لست بنبيّ. ثم قال [النبي]: أنت خليفتي من بعدي”.
(احمد بن شعيب النسائي، خصائص أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، ص 50-55، ح 44-53).
“أما ترضا أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة”.
(أحمد بن حنبل، المسند، كتاب فضائل الصحابة، ج 2، ص 701 ح 957 و956 وص 732 ح1005؛ أبو عيسى محمد بن عيسى، الجامع الصحيح سنن الترمذي، كتاب المناقب: باب 21، ص 980، ح 3733).
ولكن بعد وفاة النبي هارون (عليه السلام) في حياة النبي موسى (عليه السلام) صارت الوصاية من بعده للنبي يوشع بن نون (عليه السلام) وهذا ما عليه إجماع علماء المسلمين ونصوص التوراة أيضاً، فلننظر كيف تحدثت نصوص التوراة عن نقل الوصاية:
” وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْعَدْ إِلَى جَبَلِ عَبَارِيمَ هذَا وَانْظُرِ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَمَتَى نَظَرْتَهَا، تُضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ أَنْتَ أَيْضًا كَمَا ضُمَّ هَارُونُ أَخُوكَ.
لأَنَّكُمَا فِي بَرِّيَّةِ صِينَ، عِنْدَ مُخَاصَمَةِ الْجَمَاعَةِ، عَصَيْتُمَا قَوْلِي أَنْ تُقَدِّسَانِي بِالْمَاءِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ». ذلِكَ مَاءُ مَرِيبَةِ قَادَشَ فِي بَرِّيَّةِ صِينَ.
فَكَلَّمَ مُوسَى الرَّبِّ قَائِلًا:
«لِيُوَكِّلِ الرَّبُّ إِلهُ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ رَجُلًا عَلَى الْجَمَاعَةِ، يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا».
فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلًا فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ، وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ. وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِكَيْ يَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيَقِفَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ فَيَسْأَلُ لَهُ بِقَضَاءِ الأُورِيمِ أَمَامَ الرَّبِّ. حَسَبَ قَوْلِهِ يَخْرُجُونَ، وَحَسَبَ قَوْلِهِ يَدْخُلُونَ، هُوَ وَكُلُّ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَعَهُ، كُلُّ الْجَمَاعَةِ».
فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. أَخَذَ يَشُوعَ وَأَوْقَفَهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَأَوْصَاهُ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى”. (التوراة، سفر العدد، الإصحاح 27، من 12-23).
إفادات من النص:
1- كان إعلان الوصاية بأمر الله تعالى.
2- حدث الأمر في “َبرِّيَّةِ صِينَ” وهي صحراء َصِينَ وهي منطقة صحراوية وهي إحدى محطات تيه بني إسرائيل.
3- حدث الأمر عند ” مَاءُ مَرِيبَةِ قَادَشَ” وهي عين ماء وقد تسمى ” قَادَشَ بَرْنِيع” أو ” عين مشفاط” والأخيرة تعني “عين القضاء”.
4- حدث الأمر في أواخر حياة موسى (عليه السلام) كما هو الطبيعي.
5- ” يَخْرُجُ أَمَامَهُمْ وَيَدْخُلُ أَمَامَهُمْ وَيُخْرِجُهُمْ وَيُدْخِلُهُمْ، لِكَيْلاَ تَكُونَ جَمَاعَةُ الرَّبِّ كَالْغَنَمِ الَّتِي لاَ رَاعِيَ لَهَا” فهل ترك نبي قومه كالغنم بلا راعي؟!
6- ” خُذْ يَشُوعَ بْنَ نُونَ، رَجُلًا فِيهِ رُوحٌ، وَضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ”. ” وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَأَوْصَاهُ كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ عَنْ يَدِ مُوسَى”.
” وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين (عليه السلام) فرفعهما حتّى رئي بياض إبطيهما، وقال: (فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال مَن والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله”. (الدولابي، أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد، الكنى والأسماء).
7- ” وَأَوْقِفْهُ قُدَّامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَقُدَّامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَأَوْصِهِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ”.
وكانت خطبة الغدير أمام أكبر جمع من المسلمين.
8- ” وَاجْعَلْ مِنْ هَيْبَتِكَ عَلَيْهِ لِكَيْ يَسْمَعَ لَهُ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ”.
“فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه”.
وتوجد نصوص مشابهة أخرى في أسفار أخرى كسفر التثنية (الإصحاح 3 و 33) وسفر القضاة(الإصحاح 1 و2) تركنا ذكرها مراعاة للاختصار.
هل يوجد أوضح من هكذا تشابهات؟!
ثم ماذا حدث بعد ذلك؟
أخرج يوشع بن نون (عليه السلام) بني إسرائيل من التيه وقادهم للنصر بعد ثلاث معارك بعد أن حبست له الشمس في إحداها!
رشيد السراي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية