بعد بحث طويل في المصادر والنصوص ومناقشة الاشكالات الكثيرة وإجابتها في كتابي المطبوع “الأربعين الحسينية” تتبعت الاحتمالات الممكنة لعلة زيارة الأربعين مع احترامي للمشهور والمتداول ولكن لعدم وجود نص صريح يدل على العلة ووجود إشكالات غير قابلة للرد على بعض العلل-ناقشها الكثير من العلماء وحاول البعض إيجاد حلول لها- فقد أضطررت لطرح الأمر أحتمالياً ولا يعني ذلك لا سمح الله التشكيك في الزيارة أو كل الأحداث المتعلقة بها بل لتعضيد كل ذلك وتعزيزه وقد فصلت في الكتاب لمن يرغب بالزيادة وسأذكر لاحقاً توثيق سند زيارة الأربعين بما لم يتطرق له أحد من قبل حسب تتبعي والله المستعان وله الحمد والمنة، علماً إنها (23 احتمال).
الاحتمالات:
الاحتمال الأول:
خروج ركب أهل البيت (عليهم السلام) من الشام في السنة الثانية في العشرين من صفر.
ما يدل على هذا الاحتمال:
لم يدل عليه أي نص، إلا إذا اعتبرنا من تحدث عن دخول السبايا للشام في صفر اشتبه بين الدخول والخروج فقد نقترب من اعتبار ذلك نصاً يدل عليه.
نقاط القوة:
1-لا توجد أي موانع واقعية بخصوصه.
2-يحل لنا مشكلة عدم كفاية المدة.
نقاط الضعف:
1-ليس هناك أي نص أو إشارة له.
2- لا وجود لعلة واضحة لتسمية الزيارة بالأربعين حينها، لكون الخروج في العشرين من صفر الثانية، إلا بالمقارنة مع الذكرى السنوية للشهادة .
الاحتمال الثاني:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري لوحده في نفس سنة الشهادة.
ما يدل على هذا الاحتمال:
ظاهر النصوص التي تحدثت عن زيارة جابر، مع أخذ احتمال كونه قريباً من كربلاء أو في الكوفة أو في طريقه إليها في وقت معركة الطف بنظر الاعتبار.
نقاط القوة:
1-منطقي من ناحية التفاعل مع الأحداث خصوصاً إذا اثبتنا كون جابر كان في الكوفة أو قريباً منها أو تمكن من الوصول لها بعد وصول الخبر له مبكراً أو بعد انطلاقه من مكانه تبعاً لأحداث تحرك الركب الحسيني ومحاولة للحاق به قبل حدوث المعركة.
2-تطابق بين مرور فترة أربعين يوماً على الشهادة وتاريخ العشرين من صفر.
3-يتطابق مع كون جابر أول زائر، فالقول بأن زيارة جابر أبعد من ذلك يبعد احتمال كونه أول زائر رغم إن كونه كذلك أمر محتمل بمستوى جيد.
4- ينسجم مع إشارات العديد من العلماء بشأن ذلك.
5- لا نحتاج معه لأي أدلة متعلقة بالركب وتوقيتات تحركه أو حضور الإمام السجاد وأهل البيت عليهم السلام في الموعد المحدد.
نقاط الضعف:
1- احتمال عدم تمكن جابر من الوصول في هذه الفترة لبعده عن الكوفة وكربلاء أو لعدم وصول الأخبار له في وقت مناسب.
2-عدم وجود ما يشير لموعد زيارة جابر وسنتها بوضوح في النصوص المؤيدة.
الاحتمال الثالث:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري مع الإمام السجاد (عليه السلام) في نفس سنة الشهادة، ومجيء الإمام كان من الكوفة قبل انطلاق الركب إلى الشام.
ما يدل على هذا الاحتمال:
نفس النصوص التي أشارت إلى زيارة جابر، مضافاً لها النصوص التي أشارت إلى طول مدة بقاء أهل البيت (عليه السلام) في الكوفة ولقاءهم بالناس وتحركهم بعض الشيء، فلا يبعد تمكن الإمام السجاد (عليه السلام) من الذهاب لزيارة قبر أبيه في تلك الفترة بموافقة السلطة أو بالخفاء منها.
نقاط القوة:
1-منطقي من ناحية التفاعل مع الأحداث خصوصاً إذا اثبتنا كون جابر كان في الكوفة أو قريباً منها وبقاء أهل البيت (عليهم السلام) في الكوفة مدة كافية وتمكن الإمام السجاد (عليه السلام) من التحرك.
2-تطابق بين مرور فترة أربعين يوماً على الشهادة وتاريخ العشرين من صفر.
3-يتطابق مع كون جابر أول زائر، فالقول بأن زيارة جابر أبعد من ذلك يبعد احتمال كونه أول زائر رغم إن كونه كذلك أمر محتمل بمستوى جيد.
4-يحل لنا مشكلة إثبات لقاء جابر بأهل البيت (عليهم السلام) عند قبر الإمام الحسين (عليه السلام) فافتراضه اسهل من افتراض رجوعهم في مدة قصيرة غير منطقية من ذهاب وإياب إلى مدينة دمشق.
نقاط الضعف:
1- احتمال عدم تمكن جابر من الوصول في هذه الفترة لبعده عن الكوفة وكربلاء أو لعدم وصول الأخبار له.
2-عدم وجود ما يشير لموعد زيارة جابر وسنتها بوضوح في النصوص المؤيدة.
3- عدم وجود نصوص واضحة أو إشارات تساعد على القبول باحتمال تمكن الإمام السجاد (عليه السلام) في تلك الفترة من زيارة قبر أبيه ولقاءه جابر.
الاحتمال الرابع:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري مع الإمام السجاد عليه السلام وركب أهل البيت (عليهم السلام) في نفس سنة الشهادة انطلاقاً من الكوفة قبل ذهابهم إلى الشام.
ما يدل على هذا الاحتمال:
كل ما ذكرناه في الاحتمالين السابقين، ويضاف له اشتهار حدوث الزيارة واللقاء رغم ضعف النصوص وقلتها.
نقاط القوة:
كل ما ذكرناه في الاحتمالين السابقين، ويضاف له كونه يبدو صورة منطقية للزيارة المفترضة في مثل هكذا حدث عظيم، وأكيداً أهل البيت (عليهم السلام) ما كانوا ليفوتوا أي فرصة للزيارة أُتيحت لهم.
نقاط الضعف:
كل ما ذكرناه في الاحتمالين السابقين في نقاط الضعف، ويضاف له: صعوبة تقبل السلطة لمثل هكذا زيارة في حينها وأكيداً لو كانت قد حدثت لوصلنا خبر بشأنها، إلا إذا قلنا باحتمال كون الزيارة كانت سراً دون علم السلطة أو بعلمها ولعدد محدود من أهل البيت (عليهم السلام) وليس جميع الركب.
الاحتمال الخامس:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري مع الإمام السجاد عليه السلام وركب أهل البيت (عليهم السلام) في نفس سنة الشهادة في طريق ذهابهم الكوفة إلى الشام.
ما يدل على هذا الاحتمال:
بعض ما ذكرناه في الاحتمالين الثاني والثالث، ويضاف له اشتهار حدوث تلك الزيارة واللقاء رغم ضعف النصوص وقلتها، ويضاف له أيضاً قول البعض به كما نقل القمي في منتهى الآمال وناقشناه رغم عدم قبوله بذلك وعدم تحديده للبعض المقصودين ومستندهم، ويضاف له كون المرور بكربلاء للمنطلق من الكوفة إلى الشام ليس بأمر صعب وهو أسهل بكثير جداً من التحول من طريق الشام-المدينة إلى كربلاء.
نقاط القوة:
بعض ما ذكرناه في الاحتمالين الثاني والثالث، ويضاف له كونه يبدو صورة منطقية للزيارة المفترضة في مثل هكذا حدث عظيم، وأكيداً أهل البيت (عليهم السلام) ما كانوا ليفوتوا أي فرصة للزيارة لو أُتيحت لهم.
نقاط الضعف:
كل ما ذكرناه في الاحتمالين الثاني والثالث ويضاف له: صعوبة احتمال قبول السلطة بذلك وإن كان يبقى احتمالاً وارداً، وعدم وجود أي نصوص تشير لذلك بوضوح- أي كون ركب السبايا مر بكربلاء في بداية انطلاقه من الكوفة- ولكن يشفع لذلك قلة المعلومات عن ركب السبايا وتحركهم عموماً.
الاحتمال السادس:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري لوحده في السنة الثانية للشهادة.
ما يدل على هذا الاحتمال:
النصوص التي أشارت لزيارة جابر واحتمال بعد جابر بن عبد الله الأنصاري عن الكوفة عند حدوث الشهادة وصعوبة وصوله لكربلاء خلال أربعين يوماً من تاريخ الشهادة، واحتمال المنع القوي من السلطة وتساهلهم بعض الشيء لاحقاً، مع الإشارة إلى إن قد يكون جابر قد زار زيارة أولى قبل زيارة الأربعين.
نقاط القوة:
يعالج مشكلة عدم تمكن جابر من الوصول في الأربعين الأولى، ويجنبنا الحاجة لتبرير وجود الركب وكيفية وتوقيت وصوله.
نقاط الضعف:
1-من الصعب القول معه بكون جابر بن عبد الله الأنصاري أول زائر رغم إن احتمال كونه كذلك ليس بقليل، ويمكن جبر ذلك بأن زيارة جابر الأولى لم تكن زيارة الأربعين.
2-سنة وأربعين يوماً على حادث الاستشهاد فترة طويلة فيستبعد انتظار جابر كل هذه المدة ليقوم بزيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، إلا إذا قلنا بوجود منع قوي من السلطة حال دون ذلك.
الاحتمال السابع:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري مع الإمام السجاد عليه السلام فقط في السنة الثانية للشهادة.
ما يدل على هذا الاحتمال:
تأكيد زيارة جابر واحتمال وجود اللقاء وصعوبة تحقق ذلك في الأربعين الأولى، مع الإشارة إلى إنه قد يكون جابر قد زار زيارة أولى قبل زيارة الأربعين.
نقاط القوة:
نفس ما ذكرناه في الاحتمال السابق ويضاف له معالجة مشكلة حدوث اللقاء.
نقاط الضعف:
نفس ما ذكرناه في الاحتمال السابق ويضاف له كل نقاط الضعف في القول برجوع السبايا، ولكن ممكن القول بأن الإمام السجاد (عليه السلام) حضر لوحده بدون الركب وإن مجيئه لا علاقة له بتوقيتات تحرك ركب السبايا وعودتهم إلى كربلاء أو المدينة رغم عدم وجود إشارات على ذلك.
الاحتمال الثامن:
زيارة جابر بن عبد الله الأنصاري مع الإمام السجاد عليه السلام وركب أهل البيت عليهم السلام في السنة الثانية للشهادة وهو الرأي البديل عن الرأي المتداول عند من يرى إمكانية زيارتهم ولقاءهم ولا يرى إمكانية العود في سنة الشهادة في العشرين من صفر.
ما يدل على هذا الاحتمال:
أشار له كاحتمال راجح العديد ممن ناقشوا المسألة وتفاصيل مناقشاتهم موجودة في محلها في الكتاب.
نقاط القوة:
يعالج مشكلة مدة قطع المسافة بين كربلاء والشام ويعطي مدة كافية لاستيعاب كل الأحداث المتعلقة بركب السبايا، وكذلك يعالج مشكلة احتمال عدم تمكن جابر بن عبد الله الأنصاري من الوصول في الأربعين الأولى.
نقاط الضعف:
يتقاطع مع كون جابر أول زائر، ولكن يمكن القول إنه كان لجابر عدة زيارات للقبر الشريف ولم تكن زيارة الأربعين هي الأولى.
المصدر: كتابي المطبوع(الأربعين الحسينية) ج5 ص8-50
تتمة الاحتمالات في المنشورات اللاحقة
زيارة الأربعين1445
رشيد السراي