إلى مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي، يرجى من سماحتكم الإجابة على هذه الاستفتاءات:
1- هل يجوز شرعاً للقاضي الجنائي إصدار قرار غرضه الحجز على أموال المتهم الهارب بجناية لإجباره على تسليم نفسه إلى المحكمة؟
بسمه تعالى
إذا ثبتت التهمة على الجاني بالبينة الشرعية وليس بمجرد رفع دعوى ضدّه فيمكن الضغط عليه بغير هذا الأسلوب كمنعه من السفر وتبليغ المفارز الأمنية ومنعه من مزاولة عمله ونحو ذلك، أما مجرد رفع دعوى ضده فلا يكفي لاتخاذ هذه الإجراءات لاحتمال كون الدعوى كيديه فيبَّلغ للحضور إلى المرافعة واعلامه بمضمون الدعوى ليحضّر أدلة براءته وليوكّل محامياً إن شاء.
2- إذا كان المجنى عليه قد عفا عن الجاني عن جرح عمدي ارتكبه ضده، ثم سرى هذا الجرح في جسمه فقتله، فهل ينتقل حق القصاص منه إلى ورثته؟
بسمه تعالى
إذا قصد المجني عليه إبراء ذمة الجاني من الجرح وما يترتب عليه من آثار فلا شيء على الجاني، وإن عُلِم على أن عفوه كان عن الجرح خاصة فلا يسقط حق ذوي المجني عليه في الدية دون القصاص، لسقوط حق المجني عليه في سبب الوفاة وهو الجرح فكيف يجب ما يترتب عليه وهو القصاص، أما الدية فثبوتها لعمومات (لا يطلَّ دم أمرئ مسلم).
3- إذا كان أحد أولياء الدم غائباً أو صغيراً أو مجنوناً، هل يؤجل تنفيذ القصاص من الجاني حتى يعود الغائب أو يبلغ الصغير أو يستفيق المجنون؟ وإذا كان للأولياء خيار القصاص فهل يضمنون حصة الغائب والصغير والمجنون من الدية؟
بسمه تعالى
للبالغ الحاضر الأخذ بالقصاص مع ضمان حق الصغير والغائب في الدية لأن لكل واحد من أولياء الدم حق القصاص مع ضمان حق الباقين في الدية.
4- تنتشر في هذه الأيام الأجهزة النقالة ذات الكامرة والكامرات المنزلية فإذا لم يكن بيد المجنى عليه بينة شرعية سوى هذه الكامرات وارتكبت في داره جريمة الزنا وقدم للقضاء الشرعي واقعة الفاحشة المصورة فيديوياً بتفاصيلها، فهل يكون لهذا التسجيل الفيديو حجة شرعية لإثبات حد الزنا؟
بسمه تعالى
لعل للشارع المقدس غرضاً معيناً باشتراط أربعة شهود لإثبات وقوع الزنا وإلا لاكتفى بشاهدين مضافاً إلى أن التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي القادر على محاكاة الأشياء والافعال يمنع من حصول الاطمئنان بوقوع الحادث فلابد من الالتزام بالشهود الأربعة على نفس الفعل.
5- سارق دخل البيت وسرق المتاع من الحرز كما أثبتته جهاز الكامرة وليس مع المسروق بينة فهل القضاء الشرعي يرتب أثراً على هذا التصوير بالصوت والصورة لإُثبات حد القطع على السارق أم يكون أثره لإثبات الغرم عليه؟
بسمه تعالى
هذا التسجيل كافٍ لإثبات الضمان عليه إذا حصل الاطمئنان به بحسب شهادة أهل الخبرة لما قلناه آنفاً واذا لم يقدّم المتهم ما يدفع التهمة عنه.
أما الحد فلا يثبت بذلك.
6- إذا كان اللوث[1] قرينة شرعية على وجود جريمة القتل ويعد سبباً للإخذ بالقسامة بشروطها لئلا يهدر دم مسلم:
(أ) فهل يعد حمل الفتاة غير المتزوجة قرينة شرعية لإثبات حد الزنا عليها من غير وجود بينة أو إقرار منها؟
بسمه تعالى
لا يعد الحمل دليلاً على الزنا لأنه يحصل بغير الإدخال.
(ب) وإذا ولد الطفل من أم متزوجة وأثبت من خلال فحص الحامض النووي أن الوليد ليس من أبيه فهل يعد دليلاً لإقامة حد الزنا عليها أم أن الولد للفراش ويدرأ به الحد؟
بسمه تعالى
تجري قاعدة الولد للفراش، ولا ينتفي نسب الولد لأبيه إلا باللعان، وأما فحص الحمض النووي فلا ينفي الانتساب.
7- في جرائم الحدود التي يكون فيها الحق لله كشرب الخمر مثلاً، هل يسوغ للحاكم إقامة الحد عليه من خلال رائحة الخمر من فمه أو من خلال نتيجة التحاليل المختبرية لدمه مثلاً؟
بسمه تعالى
لا يثبت الحد بمثل هذه العلامات لاحتمال أنه وضع الخمر في فمه ثم مجّه ولم يشربه، ولا يثبت بالتحاليل المختبرية لاحتمال ان هذا الأثر حصل بتناول كحول ليس على نحو الخمر.
8- وجود المال المسروق من الحرز بيد السارق هل يعد كافياً لإقامة حد القطع عليه؟
بسمه تعالى
كلا، لاحتمال أن السارق غيره وقد ائتمن على المال المسروق من دون علمه بالسرقة ونحو ذلك.
9- أقر زيد بقتله عمرو وقد تم تسجيل إقراره بالصوت والصورة، هل يكفي إقراره المصور لمطالبته بالقود أو الدية من قبل ولي الدم؟
بسمه تعالى
القتل يثبت بالإقرار والمهم ثبوت الإقرار بإصراره عليه أو بشهادة البينة على الإقرار الجدّي أما مجرد التسجيل الفيديوي فلا يكفي إذا أدعى خلافه كما لو قال إن الكلام مبتور أو قال إنني قلته على نحو الفرض والمزاح. ونحو ذلك وغاية ما يثبت به اللوث فتجري فيه أحكامه.
10- امرأة مسلمة قذفها زوجها بالزنا وأقام عليها أربع شهادات ولكن المرأة لم ترد بشهادات مثلها وفق قواعد اللعان الشرعية بل التجأت الى الفحص الطبي DNA، وأثبت التحليل أنها لم تزن وأن أولادها من زوجها وترافعا عند القضاء الشرعي، فهل القاضي يحكم عليها بالزنا لتخلفها عن رد شهادات اللعان أم تبرئ ساحتها من الزنا استناداً إلى نتيجة الفحص للحمض النووي من مختبر رسمي في الدولة.
بسمه تعالى
إنما يثبت اللعان عندما يدعي الزوج أنه شاهدها تزني فعلاً وليس أن تمارس مقدماته لكنه لا يملك شهوداً غير نفسه كما هو نص الآية الكريمة {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور : 6-7] فإذا شهد الشهادات الخمسة ولم تشهد هي لدفع الحد ثبت عليها الحد ولا عبرةً حينئذٍ بنتائج فحص الحمض النووي لأنه شاهدها بنفسه وأقام الشهادة على ذلك.
11- يقر أهل القانون الوضعي ببطلان أي دليلٍ على جريمة مأخوذٍ من إجراء غير مشروع، مثلا الدخول عنوة إلى بيت شخص والعثور على مادة مخدرة لا تكون هذه المادة دليلاً للإدانة كون أن الدخول غير مشروع قانوناً لأنه لم يكن بموجب أمر قضائي، فما هو رأي الشرع الحنيف في الدليل المستمد من إجراء غير مشروع قانوناً؟ للإيضاح أكثر لو توقف حفظ مصلحة شرعية معينة كحياة الناس مثلاً على تعذيب متهم ما للاعتراف بوجود جريمة إرهابية على وشك الوقوع فهل يعد فعل التعذيب مباحاً أم محظوراً في الشرع الحنيف.
بسمه تعالى
لا أرى الماديين المتشدقين بحماية حقوق الإنسان يلتزمون بذلك فهم يمارسون أنواع التعذيب الجسدي والنفسي لانتزاع اعترافات المدعى عليهم قبل ثبوت التهمة عليه؟
وعلى أي حال فإن الغاية لا تبرر الوسيلة فلا يجوز دخول الدار بدون إذن صاحبها للتأكد من فعلٍ معين كشرب الخمر أو الزنا، وعلى أي حال فإن هذه المقدمات لها حكمها والأفعال المراد إثباتها لها حكمها ومثبتاتها، نعم لما كانت الشهادة مشروطة بعدالة الشاهد فإن ارتكاب المحرم يقدح في صحة الشهادة، وقد يأذن المرجع الجامع للشرائط ببعض الأفعال المحرمة عند التزاحم لأهمية ما يتوقف عليها فإن الأهم يقدَّم على المهم عند التزاحم.
12- إن الفقه القانوني الوضعي قد أجمع على بطلان الدليل المقدم لإثبات الجريمة إن كان مستمداً من إجراء غير قانوني، فإذا كان نفس هذا الدليل مستمداً من إجراء غير قانوني في دولة ولكنه متوافق مع الثوابت الشرعية فهل يعتد به الحاكم الشرعي؟
بسمه تعالى
يدخل في الجواب السابق.
13- قام أحد الأشخاص بقذف آخر من خلال الاتصال هل يجوز للمقذوف تسجيل مكالمته دون موافقته وتقديمه للقضاء الشرعي وهل يثبت حد القذف من خلال الصوت المسجل للقاذف؟
بسمه تعالى
عليه الالتزام بمراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيبدأ أولاً بالتنبيه ويعظه ويدعوه إلى ترك هذه التجاوزات.
14- اختلفت المذاهب الإسلامية الأربعة من مسألة نكول المدعى عليه عن اليمين الموجه إليه من قبل المدعي في الجنايات الموجبة للقود أو الموجبة للدية، فإذا نكل المتهم من اليمين الموجه اليه من قبل المدعي فهل يكون لهذا النكول أثراً في إثبات القصاص عليه أو إثبات الدية في جرائم القصاص ما دون النفس؟ وإذا كانت الجريمة من جرائم قصاص النفس فهل لهذا النكول أثر في إثبات القود أو الدية عند الإمامية؟
بسمه تعالى
إذا نكل المدعى عليه عن اليمين فيوجّه الحلف إلى المدَّعي ويجب ملاحظة مضمون ما يحلف عليه لأن الحلف لا يكون على فعل الغير، وإنما على فعله كنفي علمه بفعل الغير ونحو ذلك.
[1] – اللوث: هو أمارة يغلب معها الظن بصدق المدعي.
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية