جاءت النظرة الإلهية لتنسف روح الاستعلاء، والسيطرة العنصرية للرجل على المرأة، هذه السيطرة التي ظلت سائدة في مجال التعامل الاجتماعي مع المرأة طيلة قرون عديدة، وهي للأسف مازالت سائدة حتى في المجتمعات الغربية التي تدّعي تحرير المرأة، وإعطائها حقوقها.
وكان من نتيجة تلك النظرة العادلة أن ظهرت نساء ارتفعن وسمون إلى منازل القدوة في جميع الخصال والصفات الرفيعة السامية، فتراهن مثال الشجاعة والصبر والمقاومة والتحمل حين الإقدام، والمبادرة إلى رفض الظلم والتجبر والطغيان.. فإذا بهن قمم شامخة في الشجاعة والجرأة والعلم والتقوى، وكل معالم الفضيلة، والأخلاق الرفيعة، وآفاقها الواسعة.
ولا شك أن فاطمة الزهراء عليها السلام تقف في مقدمة هؤلاء النساء الرافضات للظلم والطغيان، والمعلمات للمرأة دروس الجهاد والمشاركة في تحمل أعباء المسؤولية الرسالية.
والسؤال المهم المطروح في هذا المجال هو: لماذا كان هذا النور الإلهي الذي انبثق من صلب خاتم النبيين والرسل محمد صلى الله عليه وآله، فتجسد في شخصية فاطمة الزهراء عليها السلام، وامتد في حياة ووجود الرسالة، وكان ركناً أساسياً في بقائها واستمرارها إلى يومنا هذا، ولماذا اقتصرت ذريته الكريمة صلى الله عليه وآله على هذه الريحانة الطاهرة المباركة؟
السبب في ذلك دون شك أن فاطمة، هذه الصديقة الطاهرة، هي جزء لا يتجزأ من نور الرسالة، ودعامة أساسية من دعامات الإيمان. فالزهراء البتول عليها السلام غدت من خلال سيرتها الطاهرة، وظلامتها التي تتصدر كل ظلامة في التاريخ البشري؛ غدت مسيرة رسالية جهادية، وملاك رحمة للعالمين.
فهي بذرة الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، وهي جوهر أهل البيت الطاهر الذي شاء الله عزّ وجلّ له أن يكون مشكاة لنور يسطع وهاجاً في ضمير الزمان، وعلى امتداد الدهور. ففاطمة عليها السلام هي أم أبيها قبل أن تكون أماً لأحد عشر كوكباً يسطع في سماء الإمامة، وعالم الرسالة.
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية