بسمه تعالى
سماحة الشيخ اليعقوبي مصداق المرجع الذي لا تهجم عليه اللوابس .
-الحلقة الرابعة –
———————————————-
على الرغم من قساوة النظام البعثي وشدة قمعه وضرواة تعامله مع القادة المصلحين الذين يفضحون منهجه المنحرف ويشحذون ارادة وهمة الامة في الممانعة والتصدي لاستبداده وظلمه وانحرافه … الا انك تجد سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي كان جريئا في طرح ما تتطلبه حاجة الامة من تعميق الوعي وتمييز المفاهيم وفرزها وفق معايير الاسلام العظيم و لا يتردد سماحته عن اداء هذا الدور المهم وان كان محفوفا بالمخاطر وردود الافعال القاسية من قبل النظام البعثي…… وفي هذا المجال طرح سماحته سلسلة محاضرات بدأت بتاريخ ( ٢٠٠١/٤/١٤) تضمنت توصيف كل منهج حكم او نظام اجتماعي يقوم في علاقاته على قوانين وتقاليد واعراف معارضة للشريعة الاسلامية فانه يمثل الجاهلية وسمًاها (الجاهلية الحديدة ) مقابل الجاهلية الاولى ، وهذا الخطاب يشتمل على تقييم لمنهج السلطة الظالمة ومكونات فكرها الظالم المنحرف عن الدين الاسلامي والتصريح بانطباق الجاهلية عليه بكل سوآتها ومعايبها ونقائصها … وهذا المستوى من الوضوح والشجاعة والاقدام في الخطاب ونقد وادانة السلطة الجائرة المعروفة بشدة قمعها وقساوة ردود افعالها على مواقف ومقولات اقل من هذا المستوى بكثير يكشف لك بشكل واضح التزام سماحة المرجع باداء وظيفة العالم الرباني الذي لا يقار ولا يسكت على كظة ظالم ولا سغب مظلوم .
ولم يكتفِ الخطابة بالاشارة الاجمالية والنقد العمومي لهذه المناهج والممارسات الظالمة ، بل ذكر تفاصيل الانحراف وهو كما يشكل اعتراضا ونقدا لاذعا للسلطة الظالمة ، فانه يعمق وعي الامة الحركي وينير بصيرتها في اتخاذ المواقف المسؤولة تجاه الظلم والانحراف والفساد …. ومما تضمنه الخطاب المرجعي في ذلك الوقت :
1. الجاهلية لا تنحصر بفترة زمنية انتهت بطلوع شمس الاسلام ، بل حالة اجتماعية تتردى اليها الامة كلما اعرضت عن شريعة الله سبحانه .
2. تضمن الخطاب الاشارة الى مظاهر الجاهلية الحديثة ومنها ( القوي يأكل الضعيف ) ( سن قوانين اباحة الشذوذ ) ( تحريم ما أحلّ الله وتحليل ما حرّمه تعالى ) وهذه تشمل الحكم الجائر القائم يومئذ في العراق ، وكذلك ( غياب الانصاف في العلاقات بين المجتمعات البشرية وطغيان دول في تعاملها مع الشعوب المستضعفة ) وهذه السعة والشمول في الخطاب ليتجاوز حدود القضايا والهموم الوطنية والمحلية دليل على همّة قيادية تتطلع الى تحمل مسؤولية المجتمع الانساني عموما والدفاع عن قضاياه العادلة وانصاف ضحاياه وادانة ظالميه …. ولم نسمع هذا الخطاب ولم نلحظ هذا المستوى من التصدي لتحمل مسؤولية الانسانية المظلومة الاّ من سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي- دام ظله )
3. وحينما يعدد الخطاب مظاهر الجاهلية الجديدة يشير الى القوانين المنحرفة عن الاسلام التي تحكم دول وشعوب المسلمين ، وطاعة الكبراء من دون رعاية للشرع المقدس
4. واشار نفس الخطاب الى انحراف النظام القضائي القائم وان الشريعة التي تنظم امور المجتمع وتنظر في خصوماتهم بعيدة عن شريعة الله سبحانه (( أفحكم الجاهلية يبغون ))
5. بل ينص الخطاب صراحة على ان دول العالم المختلفة تتحكم فيها قوانين وتشريعات وايديولوجيات من صنع البشر الناقص .. الذي لايرى ابعد من أرنبة انفه .. ويقول : سماحته ففرعون الذي يقول (( ما أريكم الا ما أرى )) ليس حالة خاصة فردية بل هي متكررة دائماً عند الكثيرين ممن ينصبون انفسهم مشرعين من دون الله تعالى )…
اقول هل توجد شجاعة امضى من هذه وقوة قلب في طريق الحق أشدّ من هذه ، انها كلمة حق عند سلطان جائر لم يوفّق لها الا سماحته في ذلك الوقت العصيب .
6. ويذكر الخطاب من علامات الجاهلية عدم معرفة الامام الحقيقي ( من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية ) وهي معرفة المسؤولية والتكليف التام تجاه الامام والقيام بها حق القيام …. وهذا دعوة صريحة لرفض السلطة القائمة والحكم بانحرافها وظلمها وان التجاوب معها يمثل سلوك جاهلي محرّم