دأبت المرجعية وحرصت على تنوير فكر الامة وتهذيب وعيها وتعميق بصيرتها بأساليب واضحة ميّسرة تأخذ بأيديها الى منابع العصمة والطهارة لتنتهل من معينها في فهم مسؤولياتها وتحمل وظيفتها الاجتماعية في مكافحة الظلم واقتلاع جذور الفساد ونشر العدالة واقامتها في ربوع المجتمع الانساني .
ونقتبس في هذا المنشور باختصار بعض ما تضمنه خطاب المرجعية بتاريخ (٢٠٠١/٦/٩) :
1. ان عملية التغيير التي قام بها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم معجزة من معجزاته يتعزز بها ايمان المسلم وتكون حجة على غير المؤمن به (ص) .
2. ان نظرة واحدة تقارن بين حالي العرب قبل الاسلام وبعده يكفي لمعرفة النقلة الكبيرة التي عاشتها الامة مما يعكس الاعجاز في العلاج والمعالج ( القران الكريم والرسول ص) .
3. كانوا قليل مشتتون ، بعضهم يقتل بعضاً ، فاصبحوا اخواناً متآلفين .، وكانوا محاطين بدول عديدة تنتهز الفرص لاستعبادهم فأيدهم الله تعالى بنصره .
4. تنتشر الفواحش بينهم : كالزنا وشرب الخمر ونكاح زوجات الاباء وأكل مال اليتيم ، والبخس في الميزان ، ووأد البنات….
5. ويستعرض الخطاب المرجعي نماذج رسالية فذة تربّت في احضان النبوة للتدليل على الاثر العظيم الذي أحدثه رسول الله ص في مجتمعه :
اولاً- حينما جرح الصحابي الجليل ابوذر الغفاري مشاعر شخص اسود بقوله له : يا ابن السوداء ، فوبّخه الرسول ص وقال له ادركتك عصبية الجاهلية ، فجاء ابوذر واعتذر اليه ولم يقتنع ابوذر بالاعتذار اللفظي بل طلب من ذلك الشخص ان يضع نعله على خد ابي ذر ، … وهذا الدرس البليغ كما يوضح تأثير تربية وتهذيب الرسول لنفوس واخلاق المجتمع ، يدلل على عدالة صارمة في تطبيق معايير العدالة وقوانين الانصاف ورعاية كرامة الانسان حتى على اصحابه المقربين والمضحين في نصرة الرسول ص ورسالته الالهية .
ثانياً- يرفض ابوذر الغفاري مال جزيل بعثه اليه عثمان بن عفان مقابل سكوته عن مظالم عثمان ، ونفاه عثمان الى الربذة بسبب قوله الحق ونقد السلطة الظالمة … ونرى امير المؤمنين ع يقوي عزيمة ابي ذر ويؤيد موقفه المبدئي هذا بقوله له :
( إنك خفتهم على دينك وخافوك على دنياهم ، فاترك لهم ما خافوك عليه ، وخذ ما خفت منهم عليهم …
ان توعية الامة بهذه المواقف المبدئية الشجاعة في ظل نظام البعث المجرم الدموي يتضمن ادانة للسلطة القائمة المشابهة في سلوكها الظالم لمن اعترض عليه ابوذر الغفاري ، ويعلّم المؤمنين ان منزلة امثال ابي ذر التي نالوها عند امير المؤمنين ع كانت بسبب الاستقامة ونصرة المظلومين ومعارضة الظالمين ومواجهة فساد السلطة واستئثارها واستبدادها .
وهو درس يمهد للوعي الحركي في مواجهة اي ممارسات سلطوية تعتمد ذلك المنهج المنحرف والاساليب الباطلة وان صدرت ممن يتلبس بعناوين ظاهرها القداسة المزيفة والاختباء تحت اغطية الدين .
وينبهنا هذا الدرس الى حرمة مداهنة السلطات المستأثرة بالمال العام وثروات البلاد وعدم الانتظام في ركبها او الانخراط في منظومتها الفاسدة ، وان يعلو صوتنا في رفض وادانة كل ظلم وفساد مالي واداري يعتاش على محرومية ملايين الفقراء والمحتاجين والايتام والارامل والمستضعفين ……
عبد الزهراء الناصري