من الطبيعي إنّ الطريق إلى الله تعالى رغم وضوحه واستقامته ومنافعه الدنيوية والأخروية لا يخلو من الامتحانات والبلاءات التي تُمَحّص وتغربل الناس ليميز من خلالها بين المؤمن والمنافق، والعادل والفاسق، والعالم والجاهل، والقوي والضعيف، والشجاع والجبان، والكريم والبخيل، وغني النفس رغم قلّة ماله، وشحيح النفس مع وفرة ماله، والأحمق والحكيم، والسفيه والرشيد، ليتخذ كل منهم حجمه وقيمته وجزاءه وفق معادلة الاستحقاق الإلهي العادل.
ونحن اليوم إذ يمر المقاومون المجاهدون الأحرار الشرفاء بظروف قاهرة على جميع الصُعُد كما يُعاني المستضعفون الويلات والأزمات والقهر والموت يتحتم علينا التضامن مع هؤلاء الأشراف ونصرتهم على كافة المستويات ولا أقل من الكلمة الصادقة والموقف الشرعي الشريف والإعلام الرسالي المدافع عن الحق والحقوق أمام الإستكبار العالمي والطغيان الشيطاني والإعلام الضال المُضِل.
فنحن الآن بين محورين وفريقين وجبهتين حقيقيين واقعيين ولهما آثارهما على مجتمعنا الإنساني الحالي والمستقبلي، ولسنا بين فريقين افتراضيين أو فريقيين للألعاب الإلكترونية أو الرياضية التي يبذل المشجعون لأجل ذلك أموالهم ويتحملون الأسفار والمخاطر والمصاعب سفهاً وحمقاً ويعيشون مع ذلك الفراغ العقدي والثقافي ويفتقرون للشعور بالمسؤولية إتجاه القضايا المصيرية، مما يجعل الكثير منهم طُعْماً لتمرير الأباطيل والإنحرافات والاصطفاف مع الأعداء حتى يشيع التخاذل ويكثر التساقط وتنهار المنظومة القيمية والسيادة والاستقلال والهوية.
ولذا أخاطب العقلاء والحكماء والدعاة والخطباء وعموم الناس باتخاذ الموقف الرسالي المتضامن مع المجاهدين وإعلان الكلمة الصادقة ونشر الوعي بين جماهير الأمة وابراء ذمتّهم من التكليف الشرعي والعمل الوطني الذي لا يقبل الحياد والتأويل الباطل؛ لأن الحق بَيِّنٌ واضح لا ريب فيه، والباطل بَيِّنٌ واضح، فيكون الحياد نفاق وجبن وبخل وشُح ولؤم وتخاذل وخيانة.
فاختر أيها الإنسان طريقك وتَحَمَّل مسؤوليته وعواقبه الدنيوية والأخروية، بعد قيام الحجة الشرعية ووضوحها بما لا يقبل الشك، واختبر نفسك لتحديد طريقك وهويتك، وهل أنت من الممهدين للإمام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه أو من الممهدين للسفياني والداعمين لمشروعه الاستكباري الشيطاني الإجرامي؟ .
اللهم انصر الإسلام وأهله واخذل الكفر وأهله وعجل لوليك الفرج واجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابِّين عنه والراضين بفعله والمُسَلِّمين لأمره والمستشهدين بين يديه في جملة أوليائه بحق محمد وآله الطاهرين.
أبو الحسن حميد المُقَدَّس الغريفي
النجف الأشرف
٣ / ربيع الآخر / ١٤٤٦ هجرية
٧ / ١٠ / ٢٠٢٤ ميلادي.