ليس من الترف او الاعتباطية خروج المرجع اليعقوبي ليواجه حشودا من الجماهير ويلقي عليهم خطابا، كما انه ليس بحثا عن شهرة او سعي لمغنم دنيوي زائل، فلا يخفى ما يترتب على هذا العمل من خطر حقيقي على حياة سماحة المرجع مع الاخذ بنظر الاعتبار القاءه الخطاب في الهواء الطلق وامام الجميع العدو والصديق اضف الى ذلك ان القاصي والداني يعلم بزمان الخطاب ومكانه، وهذا يدل على شجاعة المرجع واخلاصه لموقعه.
اذا لا بد ان نعي اهمية الرسالة التي اوصلها للامة وللعالم هذا العام حتى تكون هذه المخاطرة في محلها. في هذه الاسطر البسيطة لا اريد ان احلل ما جاء في الخطاب وان كان مهما لأننا نعلم ان المرجع لا يخاطب الامة بكلام عابر بل انه كلام عميق وفيه دلالات ورسائل ليس من السهل حل شفرتها، ومن المؤكد ان الجميع يفهم الخطاب بحسبه. اردت ان اثير بعض ما ورد في الخطاب على شكل اسئلة وعلى القارئ الكريم والمتابع ان يفعل تفكيره ليجد الاجابات، واعتقد ان اثارة الاسالة ستسهم في التوصل للحلول.
السؤال الاول: اتعتقد ان هناك تكليفاً على الفرد والامة من خلال الخطاب الذي وجهه المرجع؟ وما الخطوات العملية التي اتخذتها الامة والفرد على اثره ؟ ام انه كان استماعاً لكلام عابر؟ ام ان الامة تنتظر من المؤسسة الدينية المبادرة لتوضيح التكليف المترتب على الخطاب؟
السؤال الثاني: هل ان عنوان الخطاب (السيدة الزهراء (عليها السلام) والوعد بالفتح) اثار في نفسك شيء؟ هل تبددت لديك بعض المخاوف من المستقبل ومن خطورة الاحداث المقبلة؟
السؤال الثالث: هل ان سبب اختيار المرجع هذا الخطاب لأنه استشعر اقبال البلاءات والفتن وعليه فانه الزمنا بالصبر الجميل؟ كما فعل في خطاب سابق الذي كان بعنوان (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ – السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحثنا على اللجوء إلى الكهف المعنوي).
جاء فيه : (فالآية الكريمة تعطينا درساً في الرجوع إلى الله تبارك وتعالى دائماً واللجوء الى كهفه الحصين في الأزمات والشدائد وعند اختلاط الأمور وانتشار الفتن ليشملهم برحمته الخاصة ويهيئ لهم من أمرهم رشداً، وتبيّن بأن الوسيلة إلى النجاة من بيئة النفاق والفساد والضلال والظلم والانحطاط هو باعتزالها معنوياً وتجنب التأثر بها، وليس من الضروري الانعزال عنها والانزواء في البيت أو أي مكان آخر لوجود ضرورة لممارسة الحياة الطبيعية).
وقد راينا وعشنا الاحداث التي جرت بعد ذلك والفتن التي عاشها العراقيون وتخريب وتعطيل للحياة.
السؤال الرابع: قال المرجع اليعقوبي : ( وما على المؤمنين الا التربص والانتظار). ما الذي فهمته من هذا القول؟ ان قلت انه عنى بذلك الانتظار وعدم الحراك. اقول لك لو كان هذا ما عناه لما اضاف كلمة (التربص)؟ فله ان يكتفي بقوله الانتظار، هل تعلم انه عندما اضاف كلمة (التربص) فانه عنى معناها المغاير لمعنى الانتظار، فقد قالوا في معناها : (التَّرَبُّصُ بِالعَدُوِّ :- : تَرَصُّدُهُ، نَصْبُ كَمِينٍ لَهُ لِلإِيقَاعِ بِهِ. مُتَرَبِّصٌ بِعَدُوِّهِ :- : مُرَاقِبٌ وَهُوَ فِي حَالةِ تَأَهُبٍّ، مُتَرَصِّدٌ).
ومن المعلوم ان المرجع اليعقوبي لغوي دقيق في اختيار الفاظه وعباراته. فهل كان يعني التأهب ان هناك عمل مختلف علينا ان نعلم به وننظم امورنا على اساسه؟ اعلينا ان نناقش كمؤسسات وافراد ما الذي يمكن فعله؟ على سبيل المثال لا الحصر: هل نحن قادرون على استيعاب الاخرين واحتضانهم ودمجهم في صفوفنا كاتباع للمرجع؟ هل لدينا قناعة بقدرتنا على ان نكون عالميين لا محليين؟
السؤال الخامس: تناول المرجع اليعقوبي في خطابه عدة معاني للآية الكريمة (فاصبر صبرا جميلا) منها انها عنت الكفار بالمعنى العام سواء كان كفار قريش او ما هو اوسع من ذلك، وبعدها تحدث عن انطباق اخر وهو عمن انكر ولاية امير المؤمنين واعترض على تنصيبه والآية تتوعد من انكر بالعذاب القريب. فهل يمكن ان تقع احداث في داخل جسد المسلمين انفسهم وان ثمة عذاب قريب يقع على البعض؟ او زوال بعض الرموز التي تمثل حجر عثرة بوجه الممثل الحقيقي للإسلام؟ ومن الطبيعي اذا ان يكون هناك تربص بالمعنى الذي ذكرناه. وهذا الحدث له اهمية كبيرة وعليه تتغير معادلات عالمية. فهل وضعنا هذا الاحتمال في حساباتنا؟
بقلم الشيخ عبدالهادي الزيدي