سماحة الشيخ اليعقوبي مصداق المرجع الذي لا تهجم عليه اللوابس .
الحلقة ( ٤٤)
—————————————
ننقل باختصار في هذا المنشور افكاراً من خطاب سماحة المرجع – دام ظله – حول عوامل نجاح الحركة الإصلاحية للسيد الشهيد الصدر الثاني – قده – صدر بتاريخ( ٢٠٠٣/١٢/٣١) :
……نستطيع تحصيل عدة عوامل هي أساس نجاح كل قائد يريد ان يتصدى لإصلاح الأمة :
1. تهذيبه لنفسه وسيطرته على غرائزه وانتصاره على ذاته .. ونجح بدرجة كبيرة في الجهاد الأكبر مما سهل عليه النجاح في ساحة العمل الاجتماعي وهو الجهاد الأصغر …وقد خاض ( قده) هذه التجربة العملية على يد اكثر من شخص ، وذكر لي في رسائله التي قاربت مائتي صفحة نكتاً من هذه التربية ( نشرت في كتاب قناديل العارفين.
2. كان يحب الموعظة ،، فكان يحث على مطالعة كتب الموعظة .. ولقد كانت هذه سيرته منذ نهاية السبعينات ، وحدثني انه كان ملازماً لاستاذه وابن عمه الشهيد الصدر الأول الذي كان يحترم هذا المسلك ويدافع عنه ، بل التزم به في أيامه الأخيرة كما هو واضح من محاضرته الأخيرة عن حب الدنيا …
3. ارتباطه بالله تعالى وإدامة ذكره وجعله الهدف الوحيد الذي يسعى من اجله …. وهذا – اعني العمل لله تبارك وتعالى – احدى مميزات حركته عن قادة وعلماء اخرين عاشوا للإسلام وأشربت في قلوبهم حب الإسلام وهو عمل عظيم الّا أنه ليس كمن يعيش لله تبارك وتعالى …. وهذا التعلق بالله تبارك وتعالى والإخلاص له ومحبته تجعل الشخص يفيض نوراً على الآخرين ويلقي الله محبته وتأثيره في قلوب الناس …
4. معايشته مع القران وتفاعله مع مضامينه….
5. دراسة سيرة الائمة بدقة وعمق وشمولية لمعرفة ادوارهم التي أدوها والمسؤوليات التي قاموا بها ، وكيف كانوا يتخذون المواقف المناسبة اتجاه مختلف القضايا …. فعرف ( قده) متى ينكمش ومتى يتحرك وماذا عليه ان يفعل وكيف يتعامل مع الآخرين أفراداً أو طوائف أو سلطات …
6. الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم لان العلوم من الركائز الأساسية في بناء شخصية القائد المصلح حتى بلغ أسنى درجاته ونال ملكة الاجتهاد .. كان يقول إنني اشتغل حوالي ثمان عشرة ساعة في اليوم بالدراسة والتدريس والكتابة والتأليف ..
7. عدم انفصاله عن واقعه وما يجري فيه ومواكبته له ، فتراه مثقفاً بثقافة العصر ويتابع تطوراته العلمية والسياسية والاجتماعية … ويطلع على مايدور في العالم حتى حصلت عنده رؤية رصينة للأحداث ، ومن بحوثه التي كتبها وأهداها لي – وهي محفوظة لدي – بحث بعشرات الصفحات بعنوان ( فلسفة الأحداث في العالم المعاصر والدرس والعبر المستفادة منه ) وقد علقتُ عليه وأضفتُ اليه مثله فرغب إليّ في أن أضمهما في كتاب ….
8. وكان مهتماً بأخبار الجمهورية الإسلامية في إيران وخطابات قائدها العظيم السيد الخميني ( قده) ويستمع مباشرة باللغة الفارسية وقال ( قده) في ذلك : لأنه تجري على لسانه نكات عرفانية واخلاقية لا تعرضها الترجمة التي تهتم بالمقاطع السياسية والمتعلقة بالعمل الاجتماعي …
9. نزوله إلى المجتمع ومخاطبته لجميع الناس بما يناسبهم وعدم الابتعاد عنهم.. وكان يحب ان يطلع على آلام المجتمع وآماله وهمومه من دون ان يتخذ حاجباً أو سكرتيراً .. وقد رأينا في صلاة الجمعة كيف يتحدث بلغة المجتمع فيفهمه المجتمع … ويشمل بخطاباته كل شرائح المجتمع فخاطب الحوزة والعشائر والمسؤولين السياسيين والديانات الأخرى حتى الغجر ..
10. استثماره لطبيعة الظروف التي حصلت بعد الانتفاضة وامتداد الحركة الإسلامية في العراق لينطلق بمشاريعه الاجتماعية وكانت قمتها صلاة الجمعة … هذا التصرف الدقيق الواعي للتعامل مع السلطة ( الظالمة )أتاح الفرصة لإنجازات عظيمة في حين ان المتعارف على التصرف الشيعي أما المواجهة غير المتكافئة أو الانسحاب والانكماش الذي يفوت الكثير من المصالح أو الخضوع للحكام والانسياق وراء رغباتهم وفي ذلك تضييع الدين واهله .
عبد الزهراء الناصري
٢٠٢٥/٢/٢٧